لأن الدلالة قد قامت على الحروف كلها أنها أصول في سفرجل من غير شبهة ، فلذلك لم يجز إلا حذف الأواخر وفارقت الأسماء (١) الأعجمية لجواز الشك في الأعجمية (٢) فيها إن شاء الله عزوجل.
باب حروف القسم التي يجر بها
اعلم أن الغرض في القسم تأكيد (٣) الخبر وذلك إذا قلت : والله لأقومن ، إنما زيدت النون توكيدا لخبرك بوقوع القيام ليزول الشك عن المخاطب ، وإنما جعل جواب القسم ينقسم قسمين نفيا وإثباتا ، لأن الإخبار على ضربين : أحدهما : إيجاب ، والآخر : نفي ، وهما اللذان يقع عليهما القسم ، فلذلك جعل جواب القسم على ضربين.
واعلم أن المقسم به لا يتعلق بالمقسم عليه إلا بتوسط حرف إيجاب أو حرف نفي ، وإنما لا يتعلق به إلا بما ذكرنا ، لأن قول القائل : " والله" معناه : أحلف بالله ، ولا يتعلق بالمقسم عليه إلا بتوسط حرف وهذا الكلام تام ، فلو جئت بعده بقولك : زيد في الدار ، فقولك : (زيد في الدار) كلام أيضا تام وكل كلام قائم بنفسه فليس يجوز أن يتعلق به من غير شيء يعلقه به إذ كان مستغنيا بنفسه ، فجعلوا أمارة تعلق أحدهما بالآخر توسط النفي والإيجاب ، وجعلوا النفي (ما) و (لا) والإيجاب (إن) و (اللام) وإنما احتيج لكل واحد من الإيجاب والنفي حرفان ليكون أحد الحرفين يختص بالاسم و (ما) (٤) تدخل على الاسم والفعل كقولك :
__________________
(١) في الأصل : أسماء.
(٢) غلّط الفارسي سيبويه في تصغيره إبراهيم على : بريهيم ، لقوله إن الزيادة لا تلحق بنات الأربعة من أولها ، لحكمه بأن الهمزة في إبراهيم زائدة لحذفه إياها في التصغير. انظر كتاب التعليقة على كتاب سيبويه ٤ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩.
(٣) في الأصل : تقديم.
(٤) في الأصل : اللام.