فإن قال قائل : لم يجب الوقف على السكون وعلى الإشارة إلى الضم والكسر (١)؟
قيل له : قد بينا أن الأصل إنما يجب أن يكون بالسكون ، والذي يشير إلى الضم والكسر ، فإنما غرضه أن يبين أن لهذا الحرف حال حركة في الدرج ، وبعضهم يروم الحركة.
والفصل بين الروم (٢) والإشمام (٣) أن الإشمام إنما يفهمه البصير دون الضرير لأنه عمل بالشفة بعد الفراغ من الحرف ، فأما الروم فهو الاختلاس للحركة وهو / مما يدركه البصير والضرير ، وهذه الثلاثة الوجوه يجوز في كل اسم قبل آخره ساكن ، فإن كان قبل آخره متحرك جازت الوجوه الثلاثة فيه وجاز وجه رابع وهو تشديد آخره كقولهم في عمر : عمرّ ، وفي خالد : خالدّ ، وإنما شددوا لأن الحرف المدغم لا يكون إلا ساكنا ، وقد علموا أن الجمع بين ساكنين لا يجوز في درج الكلام ، فإذا شددوا علم بالتشديد أن الحرف الآخر لا بد أن يتحرك في الوصل لسكون ما قبله (٤) وهو التشديد ، والتشديد أبين من روم الحركة ، فإذا وصلت سقط التشديد ، وهو إنما يجوز في المرفوع ويجوز أيضا في المجرور ، إلا الإشمام فإنه
__________________
(١) انظر للتفصيل المصدر السابق. (الشافية بشرح الجاربردي).
(٢) الروم : هو عبارة عن النطق ببعض الحركات حتى يذهب معظم صوتها ، فتسمع لها صويتا خفيا ، يدركه الأعمى بحاسة سمعه دون الأصم. أو كما عرفه الداني هو : " تضعيفك الصوت بالحركة حتى يذهب بذلك معظم صوتها فتسمع لها صوتا خفيفا يدركه الأعمى بحاسة سمعه ، ... ويكون عند القراء في الرفع والضم ، والخفض والكسر ، ولا يستعملونه في النصب والفتح لخفتهما ...".
(٣) الإشمام : هو عبارة عن ضم الشفتين بعد سكون الحرف من غير صوت ، ويدرك ذلك الأصم دون الأعمى. ويعبر عنه ويراد به خلط حركة بحركة ... ، ويطلق أيضا ويراد به خلط حرف بحرف ، وقد عرفه الداني بقوله : " هو ضمك شفتيك بعد سكون الحرف أصلا ، ولا يدرك معرفة ذلك الأعمى لأنه لرؤية العين لا غير إذ هو إيماء بالعضو إلى الحركة ، ويكون في الرفع والضم لا غير ، وقولنا : الرفع والضم ، والخفض والكسر ، والنصب والفتح نريد بذلك حركة الإعراب المنتقلة ، وحركة البناء اللازمة.
انظر التيسير في القراءات السبع ، للإمام الداني : ٥٩ ، شرح الشافيه للاستراباذي : ٢ / ٢٧٥ ، والتمهيد في علم التجويد للجزري ٧٣.
(٤) في الأصل : قبلها.