باب (١) [في إعراب التثنية والجمع]
واعلم أن الألف في التثنية ، والواو في الجمع ، والياء في الجمع من حروف الإعراب (٢) عند سيبويه (٣) ، بمنزلة الدال في زيد ، والإعراب فيها مقدر كما يقدر في أواخر المقصور نحو : عصا ، ورحى ، وإنما وجب أن تكون هذه الحروف حروف إعراب لأن معنى الكلمة إنما يكمل بها ، وصارت آخر حرف في الاسم ، وقد بيّنا أن حكم الإعراب إنما يكون زيادة على بناء الاسم ، فلهذا وجب أن تكون حروف الإعراب.
وإنما امتنع من الإعراب استثقالا للحركات (٤) فيها فحذف استخفافا وقدر في التثنية.
فإن قال قائل : فهلّا لزمت التثنية والجمع لفظا واحدا ولم تتغير هذا التغير ، كما أن المقصور لما قدر في آخره لزم وجها واحدا فلم يتغير؟
__________________
(١) هكذا في الأصل ، اكتفى بكلمة (باب) دون تبيين ، وقد وضعت العنوان المناسب.
(٢) قال سيبويه : " واعلم أنك إذا ثنيت الواحد لحقته زيادتان : الأولى منهما حرف المد واللين ، وهو حرف الإعراب غير متحرك ولا منون ، يكون في الرفع ألفا ، ولم يكن واوا ليفصل بين التثنية والجمع ... ويكون في الجر ياء مفتوحا ما قبلها ..."
وقال : " وإذا جمعت على حد التثنية لحقتها زائدتان : الأولى منهما حرف المد اللين. والثانية النون. وحال الأولى في السكون وترك التنوين وأنها حرف الإعراب ، حال الأولى في التثنية ..." الكتاب ١ / ١٧ ـ ١٨ (هارون).
وعقد الزجّاجي بابا لهذه العلّة هو : القول في الألف والياء والواو في التثنية والجمع أهي إعراب أم حروف إعراب؟ وعرض أقوال النحاة في ذلك وقسمهم ثلاثة مذاهب : الكوفيون ويجعلونها الإعراب نفسه وأيدهم في ذلك قطرب ، والمازني والمبرد والأخفش ويجعلونها دليل الإعراب ، والخليل وسيبويه وقد سبق رأيه وهو الصواب عند الزجاجي. انظر الإيضاح ١٣٠. والوراق في رأيه يذهب مذهب سيبويه كما سنرى وأثار ابن الأنباري أيضا هذا الخلاف في المسألة الثالثة من إنصافه ، الإنصاف ١ / ٣٣.
(٣) سيبويه هو عمرو بن عثمان بن قنبر ت ١٨٠.
انظر : طبقات الزبيدي ٦٦ ، الإنباه ٢ / ٣٤٦ ، البغية ٣٦٦ ، الكتاب ١ / ٣ (هارون).
(٤) في الأصل : للحراكات.