الأولى اكتفاء بالثانية وكانت أولى بالإسقاط لأن الثانية تفيد معنى التأنيث ومعنى الجمع فلهذا كانت أولى بالإسقاط من الثانية وإنما أسقطوها لئلا يجتمع تأنيثان (١)
فإن قال قائل : ألست تقول في حبلى : حبليات والألف في حبلى للتأنيث فقد أثبتها في الجمع وجمعت بين تأنيثين فهلا فعلت ذلك في التاءين؟
فالجواب في ذلك من وجهين :
أحدهما : أن علامة التأنيث في حبلى الألف فإذا جمعت انقلبت الألف فزالت علامة التأنيث ، فعلى هذا الوجه لم يجمع بين تأنيثين.
والوجه الثاني : أن علامة التأنيث في حبلى مخالفة لعلامة التأنيث في الجمع ، ونحن في مسلمات لو أقررنا اللفظ على هذا لكنّا قد جمعنا بين تأنيثين صورتهما واحدة ، فلهذا حذفنا إحداهما ، فإذا أقررنا علامة التأنيث في حبلى مع علامة الجمع لم نكن قد جمعنا بين صورتي تأنيث فيجوز الجمع بينهما لاختلافهما وهذا الوجه أيضا ذكرناه لنبين أن بين ما يجتمع فيه صورتا تأنيث وبين ما تختلف فيه الصورتان فرقا ، والعلّة الأولى كافية.
فإن قال قائل : قد ادّعيت أن التاء علامة التأنيث ونحن نراها في الواحد هاء في الوقف؟ قيل له : أصله التاء وإنما وقف عليها بالهاء ليفصل بين تأنيث الاسم وتأنيث الفعل ، فإن قيل فما الدلالة على ذلك؟ قيل من وجوه :
أحدها : أنا نصل بالتاء كقولك : مسلمة يا هذا ، فأصل الكلام الدرج فوجب أن تكون التاء الأصل لثباتها ألا ترى أنك تقول : رأيت زيدا يا هذا ، فيثبت التنوين في الدرج وتبدل منه في الوقف ألفا ، وكذلك فعلت بالتاء أبدلت منها هاء في الوقف.
__________________
(١) للإيضاح انظر أسرار العربية ٦٠ ـ ٦١.