ووجه ثان : وذلك أن بعض العرب يقف على التاء فيقول في مسلمة : مسلمت وفي صالحة : صالحت.
قال الراجز (١) :
الله نجاك بكفّي مسلمت |
|
من بعد ما وبعد ما وبعدمت |
صارت بنات النّفس عند الغلصمت |
|
وكادت الحرّة أن تدعى أمت |
فلما ثبتت التاء في الوصل والوقف ولم نجد أحدا يصلها بالهاء إلا في موضع لا يعتد به إذ كانت فيه علّة توجب ذلك ، علمنا بذلك أن التاء هي الأصل.
ووجه ثالث : وهو أنّا وجدنا التاء في الفعل قد أدخلت علامة للتأنيث ، ووجدنا الاسم يدخله الهاء والتاء للتأنيث في الوصل والوقف فوجب أن يحكم على التاء أنها الأصل في التأنيث إذ لم نجد الهاء للتأنيث.
فإن قال قائل : قد وجدنا الهاء تستعمل للتأنيث في قوله هذه أنثى؟
قيل له : ليست الهاء علامة للتأنيث وإنما هي بدل من يا لأنهم يقولون : هذي أمة الله ، فالهاء بدل من الياء التي في هذي ، فدل أن الهاء ليست علامة / للتأنيث.
فإن قيل : فما الدليل على أنها بدل من الياء؟
قيل له : الدليل على ذلك أنك تقول في تثنية هذه تان فلو كانت الهاء أصلا في نفسها لم يجز حذفها في التثنية ولوجب أن تقول : هان ، فلما وجدناهم قد أسقطوا الهاء في التثنية ورجعوا إلى أن قالوا تان ، كما قالوا في الذي : اللذان ، وفي ذا : ذان ، علمنا أن الياء هي الأصل.
__________________
(١) استشهد به ابن جني في الخصائص ١ / ٣٠٤ وورد البيت الثالث عنده :
وصارت نفوس القوم عند الغلصمت |
|
... |
وجاء : في ارتشاف الضرب ٣ / ٣٢٤ واستشهد به ابن يعيش في شرح المفصل وقال : هي لغة فاشية حكاها أبو الخطاب ٩ / ٨١ ، ٥ / ٨٩ ، أوضح المسالك ٣ / ٢٩١ ، وورد البيت أيضا في الهمع ٥ / ٣٤١ شاهدا على إبدال هاء من ألف ما و ٦ / ٢١٦.