تغير فيه بناء الواحد ، ثم قلتم في بنت وأخت في حال الجمع بنات وأخوات ففتحتم أولهما وكان مكسورا ومضموما وجعلتم هذا الجمع جمع السلامة؟
قيل : لأن الأصل في بنت وأخت : بنوة ، وأخوة ، ولكنهما غيّرا في الواحد. ووجه التغيير أنهم حذفوا من أخوة وبنوة الواو استثقالا ثم ألحقوا بنتا (١) بجذع ، وأختا بقفل ، وإنما دعاهم إلى هذا الإلحاق لتحصل التاء على لفظ الحروف الأصلية فيصير هذا الحكم لها كالعوض من حذف الواو.
فإن قال قائل : فما الدليل على [أنّ](٢) أصل بنت وأخت ما ادّعيته؟
قيل له : إن الدليل على ذلك أن المؤنث إذا كان على لفظ المذكر وجب أن تكون علامة التأنيث لاحقة لفظ المذكر كما تقول قائم وقائمة ، فلما كان لفظ بنت وأخت على طريق لفظ الأخ والابن وجب أن تكون علامة التأنيث لا حقة على لفظ المذكر فلما كان الأخ يقال في تثنيته : أخوان علمنا أن أصله أخو ، وأن حق التأنيث أن يدخل على هذا اللفظ فلهذا / وجب أن يكون أصل أخت أخوة. وأما بنت فكما أنّا نقول في المذكر بنون علمنا أن الأصل الفتح وأن بنتا كان حقها أن تجيء مفتوحة الباء (٣) على حد الفتح في بنين ، ولكنها غيرت لما ذكرناه من الإلحاق ، فإذا جمعت لم يكن بد من حذف التاء في الواحد لأنها لم تخرج بالكلمة عن حكم علامة التأنيث ، بل فيها حكم العلامة وإن كانت قد أجريت مجرى الحذف الأصلي وليست بتاء مجردة زيدت للإلحاق المجرد ، لأن ما زيد للإلحاق المجرد لم يتغير فلما كانت تاء بنت وأخت ليست خالصة للإلحاق ثم جمعوا الاسم بالألف والتاء لم يكن بد من حذف التاء (٤) في الواحد إذ فيها حكم التأنيث فلم يجز الجمع بين تأنيثين ، فلما وجب حذفها
__________________
(١) في الأصل : بناتا وقد أثبت المناسب.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.
(٣) في الأصل : الياء وهي لا تناسب المراد.
(٤) في الأصل : الياء.