أن تزاد لأنها تستثقل وتبدل إذا كانت أصلية نحو قوله تعالى (١) : (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) [المرسلات : ٧٧ / ١١](٢) وأرخ الكتاب والأصل : وقتت وورخ الكتاب ، فإذا كانوا يفرون منها إذا كانت أصلية وجب ألا يزيدوا ما يفرون منه ، فلما بطل أن تزاد الواو في أول المضارع جعلوا في موضعها حرفا تبدل (٣) منه وهي التاء لأنها قد تبدل من الواو في مواضع منها : تجاه وتخمة (٤) ، ولم تجعل الهمزة بدلا من الواو وإن كانت تبدل منها لأنا نحتاج إلى أن نبدلها مكان الألف ، وهي أقرب إلى الألف منها إلى الواو ، والألف لا يجوز أن تزاد أولا لأنها ساكنة ، والابتداء بالساكن لا يجوز ، فجعلت الهمزة بدلا من الألف لقربها منها ، وبقيت الياء على أصلها (٥) واحتجنا إلى حرف رابع فكانت النون أولى من سائر الحروف لما ذكرناه من شبهها بحروف المد.
فإن قال قائل : فلم سكنتم الحرف الذي يلي حرف المضارعة في الأفعال الثلاثية وحركتموه في الرباعية؟ قلتم : هو يضرب فسكّنتم الضاد وكانت متحركة في ضرب ، وقلتم : يدحرج فجئتم بالدال على أصلها؟
فالجواب في ذلك أنهم لو أبقوا الضاد على حركتها لتوالى أربع حركات لوازم وهذا ليس في كلامهم ، إلا أن تكون الكلمة محذوفة نحو : عليبط وهدبد
__________________
(١) في الأصل : تعلى.
(٢) قرأها أبو عمرو بالواو (وقتت) ، انظر كتاب السبعة في القراءات ٦٦٦ وكتاب الحجة للقراء السبعة ٣٦٤ ، والعنوان في القراءات السبع ٢٠٢.
(٣) في الأصل : يبدل.
(٤) جاء في اللسان : " والتخمة بالتحريك الذي يصيبك من الطعام إذا استوخمته ، تاؤه مبدلة من واو ..." (وخم).
(٥) انظر الكافية ٢ / ٢٢٧ حيث يبين ابن الحاجب أن دخول هذه الحروف على المضارع باعتبار معانيها يقول : " ... تبين لمعاني حروف المضارعة ليعلم أنها لا تكون للمضارعة إلا باعتبار معانيها ... فالهمزة للمتكلم وحده مذكرا كان أو مؤنثا ، والنون للمتكلم مع غيره ... ويقول الواحد المعظم أيضا نفعل ، وفعلنا وهو مجاز من الجمع ... ، والتاء للمخاطب مذكرا كان أو مؤنثا ، مفردا كان أو مثنى أو مجموعا ... والياء للغائب غيرهما ، أي غير المؤنث والمؤنثين فيكون للأربعة ...".