ووجه آخر : أن الضم أقوى الحركات فأدخل على أول مضارع الرباعي ليكون عوضا من الحرف المحذوف.
فإن قيل : فلم صار الرباعي أولى من ضم الثلاثي؟
قيل : لأن الرباعي أقل في الكلام من الثلاثي وكرهوا ضم الثلاثي لئلا يكثر في كلامهم ما يستثقلون ، ووجه آخر : وهو أن الضم أقوى من الفتح ، وكان الرباعي قد حذف منه حرف ، فوجب أن يعطى الرباعي الحركة القوية ليكون فيه مع الفصل عوضا من المحذوف.
فإن سئل : لم ضممتم أول يدحرج وهو خمسة أحرف وليس يلتبس بالثلاثي؟
قيل : لئلا يختلف طريق الفعل الرباعي ، فلما لزم الضم في بعضه لعلّة أجري سائر تصاريفها عليها لئلا يختلف.
فإن قال قائل : فلم استوى لفظ المتكلم مؤنثا كان أو مذكرا وفصل ما بين المخاطب والغائب (١).
قيل : لأن المتكلم لا يختلط بغيره ، فلما لم يقع فيه التباس لم يحتج إلى فصل ، فتقول : أنا أقوم وإن كان مؤنثا ، وكذلك : نحن نقوم للمذكر والمؤنث ، وسنبين لم استوى لفظ التثنية والجمع للمتكلم في باب الضمير إن شاء الله.
فأما المخاطب فيفصل بينه وبين المذكر والمؤنث فقيل : أنت تقوم للمذكر ، وأنت تقومين للمؤنث ، لأن المخاطب قد يشترك فيه المذكر والمؤنث فلا يعلم المراد منهما إلا بالفصل والتمييز فاحتيج إلى الفصل والتبيين ، فزيد على لفظه المؤنث ياء ونون فأما الياء فهي إظهار الفاعل وفيها علامة التأنيث ، وإنما اختص المؤنث بالعلامة لأنه فرع على المذكر فاحتاج إلى زيادة لفظ على لفظ المذكر
__________________
(١) بيّن ذلك ابن الحاجب أيضا في كافيته وقد أشرت إليه في الصفحة ٦٤. الحاشية رقم (٦).