والثالثة أن لا يجوز إعمالها.
الحال الأولى : أن تقع مبتدأة كقولك : إذن أكرمك.
والحال الثانية : أن تقع وقبلها الواو أو الفاء (١) ، كقولك : أنا أحبك وإذن أكرمك ، وإن شئت رفعت وإن شئت نصبت ، فمن نصب قدر الواو عاطفة جملة على جملة فصارت (إذن) (٢) في الحكم كالمبتدأ فلهذا نصب ، ومن رفع جعل الواو عاطفة على الفعل الذي قبله وألغى (إذن) وإنما ساغ إلغاؤها لشبهها بظننت إذ توسطت بين الاسم والخبر (٣) ، وهذا التشبيه إنما ساغ لأن العرب قد ألغت (إذن) في العمل كقوله تعالى : (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ)(٤) إِلَّا قَلِيلاً [الإسراء : ١٧ / ٧٦](٥) ويجوز إنما حملهم (٦) على إلغائها ليكون في الحروف التي هي أضعف من الأفعال ما يجوز فيه الإعمال والإلغاء ، كما جاز في الأفعال التي هي أقوى ، فلهذا جاز إلغاؤها وإعمالها.
والحال الثالثة : لا يجوز أن تعمل فيها وهي أن تقع بين كلامين لا بد لأحدهما
__________________
(١) في الأصل : الواو والفاء. جاء في المقتضب : " واعلم أنها إذا وقعت بعد واو أو فاء ، صلح الإعمال فيها والإلغاء ..." ٢ / ١١ (لجنة إحياء التراث الإسلامي).
(٢) في الأصل : إذا ، ولم ترد بالألف إلا في هذا الموضع.
(٣) قال المبرد : " اعلم أن (إذن) في عوامل الأفعال كظننت في عوامل الأسماء ، لأنها تعمل وتلغى كظنت ؛ ألا ترى أنك تقول : ظننت زيدا قائما ؛ وزيد ظننت قائم. إذا أردت : زيد قائم في ظني ، وكذلك (إذن) إذا اعتمد الكلام عليها نصب بها. وإذا كانت بين كلامين أحدهما في الآخر عامل ألغيت ولا يجوز أن تعمل في هذا الموضع ، كما تعمل (ظننت) ..." ٢ / ١٠ باب إذن وللتفصيل عن هذه الأداة انظر : التبصرة والتذكرة ، للصّيمري ، ١ / ٣٩٦ ، وهو لم يكتف بالحديث عنها بل فصل الحديث عن نواصب المضارع ، ورصف المباني في شرح حروف المعاني ٦٢ ـ باب إذن ، والمغني ١ / ١٥.
(٤) في الأصل : خلفك ، وهي قراءة لنافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وأبو بكر ، انظر : حجة القراءات ٤٠٨.
(٥) وتمامها : (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) وانظر مناقشة الخلاف حول عمل إذن هنا في : نحو القراء الكوفيين ، ٤٩ ـ ٥٠.
(٦) تعبير غير مألوف وهو يريد : ويجوز أن يكون ما حملهم ...