هذه الحروف العوامل أعني (اللام) و (حتى) وأخواتها صارت عوضا منها ، فجرت في العوض مجرى (الواو) التي تقع عوضا من (رب) كقوله (١) :
وبلد (٢) عامية أعماؤه |
|
وبلدة ليس بها أنيس |
إلا اليعافير وإلا العيس (٣) |
وكقوله (٤) : وبلدة قطعت (٥) أي رب بلدة قطعت ، فلما صارت عوضا من أن حسن حذفها.
باب حروف الجزم
فإن قال قائل : لم / صارت (لم) وأخواتها وحروف الشرط تختص بالجزم دون غيره (٦) من الإعراب؟
قيل له : قد بيّنا أن الجزم لا بد من دخوله على الفعل ليكون بإزاء الجر في الأسماء ، ووجب أن تكون هذه العوامل عاملة لأنها قد لزمت الفعل وأحدثت فيه معنى وإنما خصت بالجزم لأن الشرط والجزاء يقتضي جملتين كقولك : إن تضرب أضرب ، فلطول ما يقتضيه الشرط والجزاء اختير له الجزم لأنه حذف وتخفيف.
__________________
(١) البيت لرؤية في مجموع أشعار العرب ص ١ ، وفي كتاب الشعر للفارسي ١ / ٢٣٨ وفي أمالي ابن الشحري ٢ / ٢٣٤ ، وفي الإنصاف ٣٧٧ مسألة (٥٥) ، وفي اللسان (عمي) ، وفي شرح الشذور ٣٢٠ وروايته :
وبلد مغبرة أرجاؤه |
|
كأن لون أرضه سماؤه |
وفي العيني ٤ / ٥٥٧ وفيه : ومهمه مغبرة أرجاؤه.
(٢) في الأصل : وبلدة ، وأثبت ما جاء في الروايات ودليل ذلك قوله : أعماؤه وليس أعماؤها.
(٣) استشهد به في : الكتاب ١ / ٢٦٣ ـ ٢ / ٣٢٢ ، معاني القرآن : ٢٨٨ ـ ١ / ٤٧٩ ، المقتضب ٢ / ٣١٩ ـ ٢ / ٣٤٧ ـ ٤ / ٤١٤ ، شرح أبيات سيبويه للنحاس ٢٤٢ وأورده شاهدا على رفع اليعافير والعيس على لغة أهل الحجاز لأن اليعافير ليست من الأنيس ، شرح أبيات سيبويه للسيرافي ٢ / ١٤٠ ، الإنصاف ونسبه ابن الأنباري لجران العود ١ / ٢٧١ ، شرح المفصل ٧ / ٢١ ـ ٨ / ٥٢ ـ ٢ / ١١٧ ، أوضح المسالك ٢ / ٦٣ ، الهمع ٣ / ٢٥٦ ، الخزانة ١٠ / ١٥ ـ ١٦.
(٤) لم أعثر عليه.
(٥) في الأصل : قطت.
(٦) في الأصل : غيرها. وقد أثبت المناسب.