ـ تمهيد :
لا بد قبل حديثنا عن أي كتاب من أن نعرّف بكاتبه ، ومن أن نعطي لمحة ولو يسيرة عن عصره وبيئته وثقافته وما إلى هنالك من أمور تعارف الدارسون عليها ، ونهجوا طريقها في بحوثهم ودراساتهم ؛ فكيف بنا إذا كنا أمام نحوي لم يلق من الشهرة حظا كافيا ، بل إن كل ما عرف عنه وما ترجم له لا يتجاوز الأسطر القليلة والمعلومات المتكررة عند المترجمين.
ومن هنا كان علينا أن نعتمد إضافة إلى ما وجد في كتب الأعلام كتابه" العلل" في بعض ما نذهب إليه في حديثنا عن ثقافته وشيوخه ، دون حياته أو نسبه ، فالكتاب خلو منهما ذلك أن الناسخ لم يذكر شيئا عنهما.
وإن ما نضيفه في حديثنا عن ثقافته وشيوخه لا يعدو كونه استنتاجا ، فهو قراءة لما وراء الأسطر ، ربما نصل من خلالها إلى ما لم يصل إليه المترجمون للورّاق.
لذلك سوف أدرس في هذا الفصل حياة الورّاق بحسب ما توافر لديّ من معلومات مجموعة إمّا مما كتب عنه أو مما استنتجته أثناء تحقيقي لكتابه كما ذكرت سابقا.
ولا بد قبل الحديث عن الورّاق من نظرة سريعة إلى عصره تلقي الضوء عليه من الناحية السياسية والفكرية.
ـ عصر الورّاق :
عاش الورّاق في القرن الرابع الهجري في بغداد عاصمة الخلافة العباسية ، ولا يخفى علينا تاريخ بغداد في هذا القرن ؛ فمن الناحية الدينية اشتد ساعد الفرق