قيل في ذلك جوابان :
أحدهما : أن الأصل في الكلمة : أيمن الله ، فالألف داخلة على الياء وهي ساكنة فلما حذفت ولم يكن حذفها لازما بقي حكمها ، ولم تحذف ألف الوصل لتحرك ما بعدها إذ لم يكن لازما.
والوجه الثاني : أن حركة الميم حركة العرض تسقط في الوقف (١) فلم تصر الحركة لازمة فلذلك بقيت ألف الوصل ، والدليل على ذلك أن العرب تقول في الأحمر إذا حذفوا همزة أحمر : (لاحمر) فلا يحذفون الألف لأن حركة اللام ليست بلازمة وبعضهم يقول : (لحمر) فيحذف ألف الوصل لتحرك ما قبلها ولم يجر ذلك في أيمن الله كراهية الإجحاف ، وصار ثبات ألف الوصل في أيمن الله عوضا مما حذف ، وأما قولهم (ها) في قولك : لاها الله ، فهي بدل من الباء وليس طريق بدلها من الباء كطريق بدل الواو منها ولكنها (ها) التي للتنبيه تضارع الباء. /
من جهة أنها يتوصل بها في التثنية إلى المنبّه ، والباء موصلة أيضا بالإلصاق فلما تضارعا من هذا الوجه أبدلت منه فاعرفه.
باب الحروف التي ترفع الأسماء والنعوت والأخبار
اعلم أنّا ذكرنا تفسير هذا الباب في الشرح (٢) وتسامح الجرمي فيه ولكنّا نذكر ههنا ما فات منها وعذر أبي عمر الجرمي ، فأما جواز إطلاقه على ما ذكر في الباب من تسمية ذلك بالحروف فلأن الأسماء المذكورة في هذا الباب مبنيّة لمضارعتها الحروف فجاز أن يسميها باسم ما ضارعته. وأما جواز قوله لأنها ترفع فإنه لما رأى أن الأسماء أكثر ما تستعمل مبتدأة بعد هذه الحروف نسب الرفع إليها للمجاورة ، فهذا تخريج قوله فاعرفه.
__________________
(١) في الأصل : في الوصل ، وقد أثبت المناسب.
(٢) يعني شرحه لكتاب سيبويه الذي تكرر ذكره في هذا الكتاب.