بالدواب والبغال والحمير ، بحيث لا يكون لأحد موضع قدم ، ولا يستطيع أحد أن يدخل بينهم ، فإذا جاء الإمام عليهالسلام هدأت الأصوات وسكنت الضجّة وتفرّقت البهائم وتوسّع له الطريق حين دخوله وخروجه (١).
وقد امتدت آثار هيبته عليهالسلام حتى إلى ساجنيه ، فكانوا يرتعدون خوفاً وفزعاً بمجرد أن ينظر إليهم ، حيث قال بعض الأتراك الموكلون به في سجن صالح ابن وصيف : « ما نقول في رجل يصوم النهار ويقوم الليل كله ، ولا يتكلّم ولا يتشاغل بغير العبادة ، فإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا » (٢).
نأتي هنا إلى ذكر مقومات تلك المنزلة والهيبة التي تتمثل بالملكات القدسية والخصال الروحانية التي اجتمعت في شخصه عليهالسلام من العلم والعبادة والزهد والكرم والشجاعة وغيرها من معالي الفضيلة وعناصر العظمة التي تحلّىٰ بها أهل هذا البيت عليهمالسلام.
وقد وصفه أبوه علي الهادي عليهالسلام بقوله : « أبو محمد ابني أنصح آل محمد غريزة ، وأوثقهم حجة ... وهو الخلف ، وإليه تنتهي عرى الإمامة وأحكامها » (٣).
__________________
(١) راجع الحديث في غيبة الشيخ الطوسي : ٢١٥ / ١٧٩.
(٢) أصول الكافي ١ : ٥١٢ / ٢٣ ـ باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهالسلام من كتاب الحجة ، الإرشاد ٢ : ٣٣٤.
(٣) أصول الكافي ١ : ٣٢٧ / ١١ ـ باب الاشارة والنص على أبي محمد عليهالسلام من كتاب الحجة.