وجاء في كتاب المحتضر للحسن بن سليمان عنه عليهالسلام في هذا السياق ما يؤكد فضل أهل البيت عليهمالسلام ووجوب ولايتهم ، قال : « روي انه وجد بخط مولانا أبي محمد العسكري عليهالسلام : ... فنحن السنام الأعظم ، وفينا النبوة والولاية والكرم ، ونحن منار الهدى والعروة الوثقى ، والأنبياء كانوا يقتبسون من أنوارنا ، ويقتفون آثارنا ، وسيظهر حجة الله على الخلق بالسيف المسلول لإظهار الحق ... » (١).
وفي كتابٍ آخر له عليهالسلام إلى محمد بن الحسن بن شمّون : « ... نحن كهف لمن التجأ إلينا ، ونور لمن استبصر بنا ، وعصمة لمن اعتصم بنا ، من أحبّنا كان معنا في السنام الأعلى ، ومن انحرف عنا فإلى النار » (٢).
سار الإمام العسكري عليهالسلام على خطى أبيه عليهالسلام في التخطيط لمستقبل الإمامة والتحضير لزمان الغيبة بتهيئة المقدمات الضرورية للانتقال من مرحلة الإمامة الظاهرة إلى الإمامة الغائبة ، وتعويد الشيعة على ذلك فكراً وسلوكاً.
وكانت المهمة التي نهض بها الإمام العسكري عليهالسلام في هذا السبيل صعبة للغاية ؛ ذلك لأنه والد الإمام الثاني عشر عليهالسلام ويقع عليه العبء الأكبر في ترسيخ مبدأ الغيبة التي بدأت تباشيرها وأوشك زمانها في وقت عصيب عملت فيه السلطة الحاكمة على عزل الإمام عليهالسلام عن أصحابه ومواليه وشدّدت الرقابة عليه ، ووقفت ضدّه وضدّ فكرة الغيبة بالذات ، سيما وأنهم يدركون أنه قد آن
__________________
(١) بحار الأنوار ٢٦ : ٢٦٤ / ٤٩.
(٢) كشف الغمة / الإربلي ٣ : ٣٠٠ ، بحار الأنوار ٥٠ : ٢٩٩.