أوانها وأن الإمام الثاني عشر على وشك الولادة ، مما يهدّد كيانهم ويقضّ مضاجعهم ، فالتبليغ في هذا الاتجاه يعتبر في منطق السلطة خروجاً وتحدياً يستحق أقصى العقاب.
لكن مع ذلك استطاع إمامنا الممتحن الصابر عليهالسلام أن ينهض بهذه المهمة العسيرة بكلّ جدارة وقوة ، فعمل على تأصيل هذا المبداء العقائدي الذي هو من صميم الدين وضرورياته في نفوس أصحابه ، للحفاظ على خطّهم الرسالي من الضياع والانهيار والتحذير من الاختلاف والفرقة وغيرها من التداعيات المحتملة للفترة الانتقالية من الظهور إلى الغيبة ، كما استطاع أن يتّخذ تدابير الحيطة والسرية للحفاظ على حياة ولده الحجة عليهالسلام من براثن السلطة وأدوات رقابتها وقمعها.
من هنا يمكن تلخيص نشاط الإمام العسكري عليهالسلام في هذا الاتجاه بما يلي :
من البديهي أنه لو غاب الإمام الحجة عليهالسلام عن شيعته ، وأوكل إدارة اُمورهم ابتداءً إلى القيّم أو السفير الذي يعيّنه لأداء هذه المهمة ، لكان ذلك مدعاة للاستغراب ، ولتولّد عنه مضاعفات ونتائج غير محمودة.
من هنا فقد اتخذ الإمام العسكري عليهالسلام ومن قبله أبوه عليهالسلام اُسلوباً شبيهاً بمنهج الإمام المهدي عليهالسلام في الاحتجاب عن الناس وإيكال أمر تبليغ الأحكام وقبض الحقوق المالية وإيصال التواقيع الصادرة عن الإمام إلى الوكلاء الذين يختارهم من خاصة أصحابه ، لغرض تهيئة الذهنية العامة كي تستسيغ هذا الأسلوب ويحسن تقبّلها له.