صالح بن وصيف التركي على أحمد بن اسرائيل الكاتب وزير المعتز ، وعلى الحسن بن مخلد صاحب ديوان الضياع ، وعلى عيسىٰ بن إبراهيم بن نوح وعلى ابن نوح ، فحبسهم وأخذ أموالهم وضياعهم وعذّبهم بأنواع العذاب ، وغلب على الأمر ، فهمّ المعتزّ بجمع الأتراك ، ثمّ دخل إليه فأزاله من مجلسه ، وصُيّر في بيت ، وأخذ رقعته بخلع نفسه ، وتوفي بعد يومين ، وصلّى عليه المهتدي (١).
السمة الغالبة في حياة سلاطين هذا العصر ومن سار في ركابهم من القادة والولاة والامراء والقضاء هي الاستئثار ببيت المال وتسخيره لخدمة مصالحهم الخاصه وحرمان الأغلبية الساحقة منه ، ومن مظاهر ذلك الاستئثار ان اُمّ شجاع والدة المتوكل حينما ماتت قبله بسنة خلفت أموالاً لا تُحصر ؛ من ذلك خمسة آلاف ألف دينار من العين وحده (٢). ونقل المؤرخون في أحداث سنة ٢٤٩ أن المستعين أطلق يد والدته ويد أتامش وشاهك الخادم في بيوت الأموال ، وأباحهم فعل ما أرادوا ، فكانت الأموال التي ترد من الآفاق يصير معظمها إلى هؤلاء الثلاثة ... وما يفضل من هؤلاء الثلاثة يأخذه أتامش للعباس بن المستعين فيصرفه في نفقاته (٣).
وذكروا أنه حينما خرج المستعين من سامراء وبويع للمعتز سنة ٢٥٢ ه
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي : ٢ : ٥٠٤ ، سير أعلام النبلاء / الذهبي ١٢ : ٥٣٥ ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ ١٤١٩ ه.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٢ : ٤١.
(٣) الكامل في التاريخ / ابن الأثير ٦ : ١٥٤ ـ دار الكتاب العلمية ـ ١٤١٥ ه ، البداية والنهاية / ابن كثير ١١ : ٣ ـ مكتبة المعارف ـ ١٤١٤ ه.