الخمس التي قضاها مع ابنه المهدي عليهالسلام من أجل إخفاء ولادته واسمه ومكانه وسائر اُموره عن أسماع السلطة ومراقبة عيونها.
فمن أساليب الكتمان أنه عليهالسلام لم يعقّ عن ابنه عليهالسلام في داره ، بل أوصى أحد أصحابه لأداء هذ المهمة ، وقد روي أنه أمر أبا عمرو عثمان بن سعيد أن يعق عنه بكذا وكذا شاة (١) ، كما روي أنه عليهالسلام وجّه إلى إبراهيم بن إدريس بكبشين ، وكتب إليه « عقّ هذين الكبشين عن مولاك ، وكُل هنأك الله ، وأطعم إخوانك » (٢).
أما من حيث تبليغ أصحابه بالولادة أو النص ، فمن الطبيعي أنّهم يختلفون في مقدار ضبطهم وصمودهم أمام وسائل الاغراء والتهديد من قبل الجهاز الحاكم ، لهذا اختار الإمام العسكري عليهالسلام من أصحابه الأشخاص الذين يتوقع منهم صلابة الإرادة وقوة الإيمان وعمق الإخلاص ، وحمّلهم أمانة الوصية ومسؤولية النص على ولده الحجة عليهالسلام بعد عرضه عليهم.
ورد في الحديث أنه عليهالسلام كان يتخيّر لهذه المهمة الأقرب لقرابته والأولى لولايته وذوي الكرامة عند الله سبحانه ، ومع ذلك يأخذ عليهم بالكتمان ويوصيهم بالستر والسريّة.
ففي كتابٍ له عليهالسلام بخطّه بعثه إلى أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري ، جاء فيه : « ولد لنا مولود ، فليكن عندك مستوراً ، وعن جميع الناس مكتوماً ، فانا
__________________
(١) إكمال الدين : ٤٣١ / ٦ باب ٤٢ ما روي في ميلاد القائم صاحب الزمان حجة الله ابن الحسن عليهالسلام ...
(٢) إثبات الوصية : ٢٦٠ ، غيبة الطوسي : ٢٤٦ / ٢١٤.