أبي ، أنه كان يغشي أبا محمد عليهالسلام بسرّ من رأى كثيراً ، وأنه أتاه يوماً فوجده وقد قدّمت إليه دابته ليركب إلى دار السلطان ، وهو متغير اللون من الغضب ، وكان يجيئه رجل من العامة ، فإذا ركب دعا له وجاء بأشياء يشنّع بها عليه ، فكان عليهالسلام يكره ذلك ... » (١).
أمّا موقف الإمام العسكري عليهالسلام إزاء الملاحقة والمحاصرة والمراقبة التي فرضتها السلطة لتقييد تحركاته وشلّ عمله العلمي والحيلولة دون أداء دوره القيادي تجاه قواعده المؤمنة به ، هو إحاطة أعماله بالسرية والكتمان والحيطة إلا بالمقدار الذي تسمح به الظروف ، كما سار على نهج أبيه الإمام أبي الحسن الهادي عليهالسلام الذي عانى من الحصار والرقابة أيضاً في اتخاذ الوكلاء والقوّام الثقات الذين يمثّلون خط الإمامة الأصيل في أطراف البلاد الشاسعة ، ليكون الإمام عليهالسلام قادراً على ممارسة دوره في نشر الوعي الديني والعقائدي ، والحفاظ على مفاهيم الرسالة والقيم الاسلامية المقدسة ، والاتصال مع قواعده الشعبية في ظل تلك الظروف العصيبة.
ومن هنا كانت له عليهالسلام امتدادات واسعة في المواقع الاسلامية ، ويدل على ذلك عملية تنظيم الوكلاء والقوّام ، إذ كان له وكيل في كلّ منطقة له فيها أتباع وشيعة يأتمرون بأمره وينضوون تحت ولايته ، وكانوا يتصلون به عليهالسلام عن طريق المراسلة أو المكاتبة ، ويجيبهم عن طريق التواقيع الصادرة عنه ، ومن خلالها يمارس أيضاً عملية عزل شخص أو تعيين آخر مكانه ، ويعطي سائر إرشاداته
__________________
(١) الغيبة للشيخ الطوسي : ٢٠٦ / ١٧٤ ـ مؤسسة المعارف الاسلامية ـ قم ـ ١٤١٧ ه ، بحار الأنوار ٥٠ : ٢٧٦ / ٥٠.