إنّما ينطلق المتوكل في كلّ مواقفه مع الإمام الهادي عليهالسلام وشيعته من البغض الذي يكنّه لأهل بيت النبوة ، وفضلاً عن ذلك فقد ذكر المؤرخون سببين مرتبطين دفعا المتوكل إلى إشخاص الإمام عليهالسلام إلى سامراء وهما :
السبب الأول : هاجس الخوف الذي يراود المتوكل من انصراف الناس إلى الإمام عليهالسلام لما علمه من إلتفاف الناس حوله في المدينة ، نقل سبط ابن الجوزي عن علماء السير قولهم : « إنّما أشخصه المتوكل إلى بغداد ، لأن المتوكل كان يبغض علياً عليهالسلام وذريته ، فبلغه مقام علي عليهالسلام بالمدينة ، وميل الناس إليه فخاف منه » (١).
وعبّر عن هذا المعنى أيضاً يزداد النصراني تلميذ بختيشوع طبيب البلاط ، قال : « بلغني أن الخليفة استقدمه من الحجاز فَرَقاً منه ، لئلا تنصرف إليه وجوه الناس ، فيخرج هذا الأمر عنهم ، يعني بني العباس » (٢).
والإمام عليهالسلام لم يكن في موقع الدعوة إلى الثورة ضد الخلافة العباسية ، لأن الظروف الموجودة آنذاك لم تكن تسمح بمثل هذا العمل ، وقد عرف الإمام عليهالسلام بعد استدعائه هواجس نفس المتوكل ، فبين له أنه ليس همّه استلام السلطة ولا تنزع نفسه الكريمة إلى شيء من هذا الحطام ، وذلك حينما استعرض المتوكل جيشه بحضور الإمام عليهالسلام وقد بلغ تسعين ألفاً من الترك ، فقال عليهالسلام : « نحن
__________________
(١) تذكرة الخواص : ٣٢٢.
(٢) دلائل الإمامة / الطبري : ٤١٩ / ٣٨٢ ـ مؤسسة البعثة ـ قم ـ ١٤١٣ ه ، نوادر المعجزات / الطبري : ١٨٨ / ٧ ـ مؤسسة الإمام المهدي عليهالسلام ـ قم ١٤١٠ ه.