أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا |
|
في قتله فتتبعوه رميمـا (١) |
ولم يكتف المتوكل بالاعتداء على المكان المقدس الذي شهد ملحمة البطولة بين معسكر الحق بقيادة سيد الشهداء عليهالسلام ومعسكر الباطل بقيادة يزيد ابن معاوية ، بل اعتدى على الزمان الذي بقي رمزاً يختزن الشجاعة والتحدّي للظلم والطغيان على مرّ الدهور ، فجعل المتوكل العاشر من المحرم الحرام سنة ٢٥٦ ه يوماً لافتتاح مدينته التي بناها بالماحوزة ، ونزوله في قصر الخلافة فيها الذي سماه اللؤلؤة ، وكان يوماً مشهوداً يعجّ بأصحاب الملاهي والمطربين ، فاعطى فيه وأطلق ، وقيل : إنّه وهب فيه أكثر من ألفي ألف درهم (٢).
ذكرنا في الفصل الأول أن المتوكل فرض حصاراً ظالماً على آل أبي طالب حتى أن الوالي الذي استعمله على مكة والمدينة ـ وهو عمر بن الفرج الرخّجي ـ قد منعهم من الإتّصال والارتباط بالناس ومنع الناس من البرّ بهم ، وبلغ في هذا الاتجاه مبلغاً لم يبلغه أحد ممن سبقه (٣).
قال أبو الفرج الأصفهاني : كان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب ، غليظاً على جماعتهم ، مهتمّاً بأمورهم ، شديد الغيظ والحقد عليهم وسوء الظن والتهمة لهم ، واتّفق له أن عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزيره كان يسيء الرأي فيهم ، فحسّن له القبيح في معاملتهم ، فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحدٌ من خلفاء بني
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٢ : ٣٥ ، تاريخ الخلفاء / للسيوطي : ٢٦٩.
(٢) راجع : البداية والنهاية ١٠ : ٣٤٧ ، الكامل في التاريخ ٦ : ١٣٠.
(٣) راجع : مقاتل الطابيين : ٣٦٩.