راهب كلما مدّ يده إلى السماء هطلت ، ثمّ في اليوم الثاني كذلك ، فشكّ بعض الجهلة وارتدّ بعضهم ، فشقّ ذلك على المعتمد ، فأمر بإحضار الحسن الخالص عليهالسلام وقال له : أدرك اُمّة جدك رسول الله صلىاللهعليهوآله قبل أن يهلكوا. فقال الحسن : يخرجون غداً وأنا أزيل الشكّ إن شاء الله ، وكلّم الخليفة في إطلاق أصحابه من السجن فأطلقهم.
فلمّا خرج الناس للاستسقاء ، ورفع الراهب يده مع النصاري غيّمت السماء ، فأمر الحسن عليهالسلام بالقبض على يده ، فإذا فيها عظم آدمي ، فأخذه من يده وقال : استسق ، فرفع يده فزال الغيم وطلعت الشمس ، فعجب الناس من ذلك ، فقال المعتمد للحسن عليهالسلام : ما هذا يا ابا محمد ؟ فقال : هذا عظم نبي ، ظفر به هذا الراهب من بعض القبور ، وما كشف من عظم نبي تحت السماء إلا هطلت بالمطر ، فامتحنوا ذلك العظم فكان كما قال ، وزالت الشبهة عن الناس ، ورجع الحسن عليهالسلام إلى داره » (١).
وهكذا كان ديدن الحكام العباسيين مع أهل البيت عليهمالسلام حينما تضيق بهم السبل وتوصد أمامهم الأبواب ، يضطرون إلى اللجوء نحو معدن العلم وثاني الثقلين وباب حطّة وسفينة نوح ، يلتمسون النجاة مما يهدّد عروشهم ويبدّد عرى دولتهم.
لقد شدّد المعتمد على حصار الإمام عليهالسلام واعتقاله ، لأنه يعلم أنه الإمام
__________________
(١) الصواعق المحرقة / ابن حجر الهيتمي : ١٢٤ ـ مكتبة القاهرة ـ مصر ـ ١٣٨٥ ه ، الفصول المهمة ٢ : ١٠٨٥ ـ ١٠٨٧ ، نور الأبصار : ٣٣٧ ، وأخرجه في إحقاق الحق ١٢ : ٤٦٤ و ١٩ : ٦٢٠ و ٦٢٥ و ٢٩ : ٦٤ عن عدة مصادر ، وراجع : الخرائج والجرائح ١ : ٤٤١ / ٢٣ ، المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٤٥٨ ، بحار الأنوار ٥٠ : ٢٧٠ / ٣٧.