وعُددهم .
الاُمّة المسلمة محتاجة لجهود أبنائها ، فلا يحلّ لأيّ فرد منهم أن يضيع جهوده عبثاً فيما لا طائل تحته ، فضلاً عن أن يكون ظهيراً لأعدائها يصنع لهم ما يعود على أبناء ملّته بالدمار والخسار ، ويعطّل مسيرة اُمّته نحو استعادة مكانتها التي أرادها لها الله . . . خير اُمّة اُخرجت للناس .
هذه المرحلة ـ مرحلة اختيار الكتاب المراد إحياؤه ـ أخطر مراحل التحقيق ـ فيما أرى ـ وأدقّها ، تستدعي من المحقّق المسلم النظر الفاحص ، ودقّة الملاحظة ، والوجدان الحيّ ، والغيرة البالغة . . . لأنّ ما ورثناه من الكتب منه ما كتبه المخلصون العارفون ، وهو درر خالدة كشجرة طيّبة أصلها ثابت في دين هذه الاُمّة ووجدانها . . . وفرعها في السماء متّصل بالمبدأ الأعلى صاحب الجود والفيض والكرم . . . تؤتي اُكلها كلّ حين في ماضي الاُمّة وحاضرها ومستقبلها عطاءً ربّانيّاً لا ينقطع بإذن الله تعالى ، وأظهر أمثلة هذا النوع تراث أهل بيت الرحمة عليهم السلام وجدّهم الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله .
وممّا ورثناه ـ أيضاً ـ ما كتبه المنحرفون والضالّون وأعداء الإسلام ، ممّن اجتالته شياطين الإنس والجنّ ، وأمراض النفس ، ومتع الحياة الدنيئة .
وممّا ورثناه ـ كذلك ـ هذا الركام الغثّ الفاسد المفسد من أدب عبيد السلاطين من الشعراء ، وشعرهم الذي قصروه على مدح الطاغوت والضحك على ذقنه ، واستولوا به على أموال الاُمّة يتناهبونه بينهم .
أنظر إلى الشاعر المتملّق يقول وقد حدثت بمصر زلزلة :
بالحاكم العدل أضحى الدينُ معتلياً |
|
نجل الهدى وسليل السادة الصُلَحا |
ما زُلزلت مصر من كيد يُراد بها |
|
وإنّما رقصت من عدله فرحا |
اُنظر كيف يسقط الإنسان ، وتداس الضمائر ، ويُرقص على أشلاء المستضعفين ! . . فالشاعر هنا لم يكتف بمدح طاغوته حتى صوّر الزلزلة المدمّرة بصورة الرقص الخليع الذي اعتاده المترفون . ولم يلتفت إلى المستضعفين الّذين هدمت دورهم على رؤوسهم وأصبحوا بلا مأوى !
ومن هذه البابة تجد مؤرّخي السلاطين ووعّاظ السلاطين
وفقهاء