الذهن على الوجه الذي حرّرناه .
ولا يخفى عليك صدق نفس الأمر على الوجود الحق الصمدي المتعين المطلق عن الإطلاق والتقييد أيضاً ، وإن لم يصدق عليه ما يصدق على شؤونه النورية ، من أن لها خزائن وصوراً علمية ، مسمّاة بالأعيان الثابتة ، لأنه سبحانه صورة الصور وحقيقة الحقائق وجوهر الجواهر ونور الأنوار .
ثم لا يخفى عليك انّ هذا الأمر القويم لا يتبدّل في اختلاف الآراء في إدراك النفس الحقائق ، من أنه هل هو على سبيل رشح الصور على النفوس ، أو على سبيل الإشراق ، أو على سبيل الفناء في القدسي (٢٨) .
ومنها : إنّ المراد من الخارج هو خارج الفرض والإعتبار ، وإن كان متحققاً في المشاعر والقوى المدركة ، وبعبارة اُخرى وإن كان متحققاً في الذهن والخارج ـ بهذا المعنى الدقيق ـ هو نفس الأمر ، للأحكام الذهنية أي القضايا الذهنية ، فلا يجب في صحيحها المطابقة لما في الخارج ، بل تكون صحّتها باعتبار مطابقتها لما في نفس الأمر بهذا المعنى ، أي نفس الشيء في حدّ ذاته .
ومنها : وجه ما قالوا في معنى « نفس الأمر » من أنّها العلم الإلهي . أو من أنّها النفس الكلية ، واللوح المحفوظ ، أو من أنّها عالم المثال . وكلّ واحد من تلك المعاني حق ، ولكلٍّ وجهة هو موليها ، كما ستعلم أيضاً .
ومنها : معنى الحقّ والصدق ، وقد أشبعنا البحث عنهما في شرحنا على الفصّ الواحد والسبعين ـ من شرحنا على فصوص الفارابي ـ فراجع !
تبصرة :
ما قاله العلّامة الحلّي في كشف المراد من أن « المعقول من ( نفس الأمر ) إما الثبوت الذهني أو الخارجي . . . » ، يعني وما يتصوّر ويعقل من لفظ « نفس الأمر » عندما يقال : الشيء مطابق لما في نفس الأمر ، ويكون الشيء فيه إما هو الوجود الخارجي ، وكون الشيء في الخارج ، أو الذهني وكون الشيء في الذهن ، والمفروض
____________________________
(٢٨) كما حقّق في الفصل ٣٣ من المرحلة السادسة من الأسفار في العلّة والمعلول ١ : ٢٠٠ ، الطبعة الاُولى .