لقد كان ـ وما زال ـ التحقيق حول رأي الشيخ الكليني في المسألة موضع الاهتمام بين العلماء والكتاب ، لما له ولكتابه من مكانة مرموقة متفق عليها بين المسلمين ، فنسب إليه بعض المحدثين من الشيعة القول بالتحريف اعتمادا على ظاهر كلامه في خطبة كتابه «الكافي» ، ونفى ذلك آخرون وحاول بعض الكتاب القاصرين نسبة القول بذلك إلى الطائفة عامة والتشنيع عليها ـ بزعمه ـ بعد وصف «الكافي» «الصحيح» ، لكنها محاولة يائسة كما سنرى.
لقد تقدم في القسم الثاني من هذا البحث ذكر أهم الأخبار التي رواها الكليني في «الكافي» وبينا ما في كل منها من مواقع النظر أو وجوه الجواب ، بحيث لا يبقى مجال للقول بأنها تدل على تحريف القرآن.
والتحقيق حول رأي الكليني وما يتعلق بذلك يتم بالبحث في عدة جهات :
أولا : في ترجمته وشأن كتابه
لقد ترجم علماء الشيعة للكليني بكل ثناء وإطراء وتعظيم وتفخيم ، فقد قال أبو العباس النجاشي : «شيخ أصحابنا في وقته بالري ووجههم ، وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم ، صنف الكتاب الكبير المعروف بالكليني ، يسمى (الكافي) في عشرين سنة» (٥٦) وقال الشيخ الطوسي : «ثقة عارف بالأخبار ، له كتب ، منها كتاب الكافي (٥٧) وقال ابن شهرآشوب :» عالم بالأخبار ، له كتاب (الكافي) يشتمل على ثلاثين كتابا «(٥٨) وقال المامقاني : أمر محمد بن يعقوب في العلم والفقه والحديث والثقة والورع وجلالة الشأن وعظيم القدر وعلو المنزلة وسمو المرتبة أشهر من أن يحيط به قلم ويستوفيه رقم (٥٩).
وقال الشيخ بهاء الدين العاملي :» ولجلالة شأنه عده جماعة من علماء العامة كابن الأثير في كتاب جامع الأصول من المجددين لمذهب الإمامية على رأس المائة
__________________
(٥٦) رجال النجاشي :
(٥٧) الفهرست للطوسي
(٥٨) معالم العلماء :
(٥٩) تنقيح المقال :