الاطلاع على أخبار الإمامية وتتبع الآثار المعصومية (٣٦) وكذا قال غيرهما
وقد ذهب هذا المحدث إلى القول بنقصان القرآن عملا بالأخبار الظاهرة فيه ، مدعيا تواترها بين العلماء ، وقد تقدم نص كلامه والجواب عنه في فصل (الشهاب) (٣٧)
ولا يخفي أن الأساس في هذا الاعتقاد كون الرجل من العلماء الإخباريين ، ولذا استغرب منه المحدث النوري اعتماده على تقسيم الأخبار وتنويعها في شرحه لتهذيب الأحكام ، وإذا تمت المناقشة في الأساس انهدام كل ما بني عليه
٣ ـ الشيخ أحمد بن محمد مهدي النراقي ، المتوفى سنة ١٢٤٤ ، وهو من كبار الفقهاء الأصوليين ، وله مصنفات ومؤلفات كثيرة ، من أشهرها : مناهج الأحكام ـ في الأصول ـ ، ومستند الشيعة ـ في الفقه ـ ، ومعراج السعادة ـ في الأخلاق –
قال الشيخ النراقي بعد أن ذكر أدلة المثبتين والنافين : «والتحقيق : إن النقص واقع في القرآن ، بمعنى أنه قد أسقط منه شئ وإن لم يعلم موضعه بخصوصه ، لدلالة الأخبار الكثيرة ، والقرائن المذكورة عليه من غير معارض ، وأما النقص في خصوص المواضع وإن ورد في بعض الأخبار إلا أنه لا يحصل منها سوى الظن ، فهو مظنون ، وأما غير المواضع المنصوصة فلا علم بالنقص فيها ولا ظن ، وأما الاحتمال فلا دافع له ولا مانع ، وإن كان مرجوحا في بعض المواضع
وأما الزيادة فلا علم بوقوعها بل ولا ظن ، بل يمكن دعوى العلم على عدم زيادة مثل آية أو آيتين فصاعدا ، وأما التغيير والتحريف في بعض الكلمات عمدا أو سهوا فلا يمكن نفيه وإن لم يمكن إثباته علما كالاختلاف في الترتيب» (٣٨)
وكأن هذا الذي ذكره وجعله هو التحقيق ، جمع بين مقتضى القواعد الأصولية وبين الأخبار الواردة في المسألة ، لكن ما ورد من الأخبار دالا على وقوع النقص في القرآن من غير تعيين لموضعه بخصوصه قليل جدا وما دل على وقوعه في
__________________
(٣٦) لؤلؤة البحرين : ١١١
(٣٧) راجع القسم الثاني من البحث في نشرة «تراثنا» العدد ٧ ـ ٨
(٣٨) مناهج الأحكام.