وإذا كان هذا القول سوف يشيع بين الناس ، فلابد لدفع الشبهة عن المتضررين من إبلاغ النتيجة النهائية لكل من بلغه القول الأول .. وهذا ما لم يحصل ، بل لعله كان متعذرا بالنسبة لبعض الموارد.
ولعلك تقول : لعله «صلىاللهعليهوآله» قد عيّن شخص الرجل المقصود بقرينة حالية لم تصل إلينا ، أو لعل أبا هريرة وفرات بن حيان أيضا لم يلتفتا إليها ..
ونجيب : إن ذلك غير معقول :
إذ لو كان ثمة قرينة لما خفيت على أبي هريرة وفرات ، فإن المتكلم لا يعتمد على القرينة الحالية إلا حين يطمئن إلى أن المخاطب ملتفت إليها ، لأنها تكون جزءا من وسيلة خطابه له .. فإذا أعلن المقصود بالخطاب أنه لا يجد أمامه سوى الخطاب اللفظي ، فليس لنا نحن أن نتوقع العثور على قرينة ، أو أن نحتمل وجودها إلى حد إسقاط ظهور الخطاب اللفظي عن صلاحية الدلالة.
ولعلك تقول أيضا : إن المراد قد اتضح بعد ارتداد الرحال وقتله مع مسيلمة .. وهذا يكفي في دفع غائلة الإبهام المشار إليه.
ونجيب : بأن ظهور أمر الرحال قد تأخر مدة طويلة ، كان فيها أبو هريرة ، وكذلك فرات محرومين من حقوقهما ، مشكوكا في أمرهما. فلما ذا فعل بهما النبي «صلىاللهعليهوآله» ذلك؟! فإن كان «صلىاللهعليهوآله» قد اعتمد على هذه القرينة الخارجية ، فهي قرينة منفصلة ، تؤدي إلى تأخير البيان عدة سنوات عن وقت الحاجة ، وهذا غير مقبول ، ولا سيما إذا كان يلحق الضرر بالأبرياء إلى حد الإسقاط ..