إن هذا لو كان عذرا لوجب أن يكون جميع الذين كانوا أكبر سنا من رسول الله «صلىاللهعليهوآله» معذروين في اختيارهم الكفر والشرك على الإسلام ، لأن نفوسهم تأبى الإنقياد لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» لأنه كان شابا بالنسبة إليهم ..
ولكان يجب أن لا ينقاد كثير من أهل الممالك لرؤسائهم وملوكهم ، حين يكونون أكبر منهم سنا ، أو حين يكونون شيوخا ، وملوكهم ورؤساؤهم شبانا.
خامسا : حتى لو سلمنا أن الأمر كذلك ، فإن ثمة فرقا ظاهرا بين أوامر الأنبياء وأوصيائهم ، وأوامر الرؤساء والملوك ، وسائر الناس لبعضهم بعضا ، فإن أوامر الأنبياء والأوصياء تنتهي إلى الله سبحانه ، وهي تعبر عن إرادته ، وتنتهي بمرضاته ، وليست أوامر الرؤساء والملوك والناس مع بعضهم البعض كذلك.
وقد قال تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (١).
وقال : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (٢).
إرتداد العرب متى كان؟! ولماذا؟! :
وقد ذكر النص المتقدم : أن العرب ارتدت قبل أن يتحرك أسامة من
__________________
(١) الآية ٦٥ من سورة النساء.
(٢) الآية ٣٦ من سورة الأحزاب.