وبذلك يظهر عدم صحة قولهم : إن عمر أراد حفظ فضيلة العلم ، والإجتهاد في الإستنباط ، وإلحاق الفروع بالأصول.
يضاف إلى ذلك : أن اجتهاد المجتهدين ، الذين قد يخطئون ، وقد يصيبون ، ليس من غايات الشريعة المقدسة ، ولا هو مما يهتم له النبي الأكرم «صلىاللهعليهوآله» ، غاية النبي «صلىاللهعليهوآله» وكل همه هو إيصال الأحكام الشرعية ، وحقائق الدين بعيدا عن الإجمال والإبهام. وأن تكون في منتهى الوضوح ، بلا حاجة إلى اجتهاد ، ولا إلى مجتهدين.
وإنما احتاج الناس إلى هذا الأمر ، حين تمردوا على الله ورسوله ، ومنعوا الإمام الحافظ للدين ، والمبين لأحكامه من أداء المهمات التي أو كلها الله إليه ، بعد أن نكثوا بيعتهم له ، ومنعوا النبي «صلىاللهعليهوآله» من معاودة التأكيد عليهم في شأنه .. ثم إنهم أقصوه ، ونابذوه وحاربوه ، واضطهدوه ، هو وكل من يتشيع له ، أو يدين بإمامته التي جعلها الله ورسوله له ..
ز : قرينة الترخيص عند المازري :
أما ما ادّعاه المازري : من أن أمر النبي «صلىاللهعليهوآله» للصحابة بإحضار الكتف قد قارنه ما نقله عن الوجوب إلى غيره.
فنقول فيه :
أولا : لنفترض صحة ما ذكره المازري ، لكن القرينة على عدم الوجوب ، لا تنفي ثبوت رجحان تنفيذ مراد رسول الله «صلىاللهعليهوآله».
ثانيا : إن القرينة على عدم الوجوب لا تعني أن يغضبوا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ولا أن يتهموه بالهذيان ، ولو على مستوى التعريض والإشارة.