ثالثا : لو كانت هناك قرينة على الترخيص ، لكان المفروض أن لا يحصل تنازع بين الحاضرين ، فيقول فريق : قربوا للنبي ما طلب ، ويقول فريق آخر : القول ما قال عمر ، ولكان ينبغي أن يفهم الجميع هذه القرينة ، أو أن يحتج بها عمر ومناصروه لإسكات الآخرين ..
رابعا : لو كانت هناك قرينة ، فلا معنى لغضب النبي «صلىاللهعليهوآله» منهم ، حتى قال لهم : «أنتم لا أحلام لكم». ولا معنى لأن يقول لهم : «قوموا عني» ، ولا أن يغضب منهم كما صرح به عدد من النصوص ..
خامسا : إنه لا مجال للترديد في عزم النبي «صلىاللهعليهوآله» بأنه إما أن يكون بالوحي أو بالإجتهاد ، وكذلك تركه .. فإن النبي «صلىاللهعليهوآله» (ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (١) ..
ولو سلم فإن الله قد أمر بطاعته (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) (٢) ولم يستثن من وجوب الطاعة ما إذا كان أمره عن اجتهاد.
ح : قد يكتب صلىاللهعليهوآله ما يعجزون عنه :
وأما ما ادّعاء النووي : من أن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد يكتب ما يعجزون عنه ، فيستحقون العقوبة فمنع عمر له من ذلك كان من قوة فقهه ، ودقيق نظره .. فهو أوضح فسادا ، وأقبح استنادا ، وذلك لما يلي :
أولا : إن هذا الكلام يدل على أن عمر بن الخطاب كان أصوب رأيا ، وأصح نظرا للأمور من رسول الله «صلىاللهعليهوآله» .. وأن عمر قد
__________________
(١) الآيتان ٣ و ٤ من سورة النجم.
(٢) الآية ٥٩ من سورة النساء.