ومن خلال نبوته الخاتمة هذه ، فإن الله سبحانه يطلعه على غيبه ، ويكشف اللوح المحفوظ له «صلىاللهعليهوآله» ، ويكون بذلك قد علم بالقرآن قبل إنزاله إليه للتبليغ على يد جبرئيل «عليهالسلام» ..
ولعل هذا يفسر لنا حقيقة أنه «صلىاللهعليهوآله» حين كان ينزل عليه القرآن في المرة التالية ، كان يسبق جبرئيل «عليهالسلام» بالقراءة ، ليشير لنا إلى معرفته به ، فقد قال الله تعالى له : (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) (١) ..
وقال : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) (٢) ..
أي أن النبي «صلىاللهعليهوآله» كان يعرف القرآن قبل هذا النزول ، إما باطلاعه على اللوح المحفوظ ، أو بإيداع القرآن في قلبه سابقا بواسطة جبرئيل «عليهالسلام» ، أو بواسطة الوحي الإلهامي ..
فأراد الله سبحانه أن يعرف الناس بأن هذا النزول ليس هو النزول الأول ، بل هو نزول اقتضته مصالح العباد في هدايتهم وإرشادهم ، وفي تربيتهم بالصورة المناسبة لحالهم ..
النزول لأجل هداية الناس :
وحين يريد الله سبحانه أن يوصل القرآن إلى الناس ، فإنه يستفاد من الروايات : أن ذلك كان يتم عبر إنزاله مرتين ، فيكون له نزولان بالنسبة إليهم ..
__________________
(١) الآية ١١٤ من سورة طه.
(٢) الآيات ١٦ ـ ١٨ من سورة القيامة.