خلاصة أخيرة :
وتكون النتيجة هي : أن الله سبحانه كان ينزل السورة أولا ، فيقرؤها النبي «صلىاللهعليهوآله» بتمامها على الناس ، ثم تبدأ الأحداث بالتحقق ، فيأتي جبرئيل «عليهالسلام» إلى الرسول «صلىاللهعليهوآله» ، بالآيات التي ترتبط بتلك الأحداث مرة أخرى ، فيقرأها على الناس ، فيظهر لهم أنهم كانوا قد سمعوها منه قبل ذلك. فيعرف الناس بذلك : أن هذا القرآن منزل من عند عالم الغيب والشهادة ..
بل الظاهر : أن حتى السور التي نزلت نجوما أيضا ، كسورة البقرة وسورة آل عمران ، كان نزولها يتم بصورة تتلاءم مع هذه السياسة ، ولذلك قالوا : إن بضعا وثمانين آية من سورة آل عمران قد نزلت دفعة واحدة .. ثم بدأت الأحداث تتوالى ، ويأتي جبرئيل «عليهالسلام» بالآيات المرتبطة بها ، مع أن هذه الآيات كانت قد نزلت قبل حصول تلك الأحداث ، وفي ضمن البضع والثمانين آية المشار إليها ..
وهذا بالذات هو حال سورة المائدة أيضا ، فإنها نزلت دفعة واحدة ثم صارت آياتها تنزل تدريجا كلما حدث أمر يقتضي نزول آيات بعينها من تلك السورة ..
وتقدم : أن آية إكمال الدين جاءت قبل آية تبليغ الرسالة ، في نطاق سياسة إلهية ، تهدف إلى حفظ القرآن ، وإلى الرفق بالناس ، وتيسير أمر الهداية لهم ، حسبما أو ضحناه .. وقلنا : إن نزولها كان مرتين على الحقيقة ، فراجع.