لا تُرْجَعُونَ) (١) .. فهو إنما يخاطب عقولهم ، ويتحدث عن أمر يمكنهم أن يدركوه ، وأن يؤمنوا به .. وكذلك حين يقول لهم : (قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) (٢). وغير ذلك مما تحكم به العقول ، وتؤيده الفطرة البشرية الصافية والمستقيمة ..
والأمر الثاني : الإيمان المستند إلى ظهور المعجزة القاهرة ، والقاطعة للعذر ، والتي تضطر العقل إلى الإقرار بالعجز ، والبخوع والخضوع والاستسلام. وهذا ما يحتاج إليه أو يطلبه نوعان من الناس :
النوع الأول :
الذين يرغبون في إبقاء الأمور على ما كانت عليه .. ممن يثقل عليهم الانقياد إلى دعوات الأنبياء ، ويأنفون من الالتزام بأحكام الله.
وهؤلاء هم الذين كانوا يقترحون على الأنبياء أن يأتوهم بالآيات ، وأن يظهروا المعجزات ، ثم يكونون هم أول الجاحدين بها ، والمكذبين لها ..
النوع الثاني :
أولئك الذين يرغبون في معرفة الحق ، ولا يأبون عن الالتزام به لو ظهر لهم .. ولكنهم ليسوا مثل جعفر ، وحمزة ، وخديجة و.. في وعيهم ، وفي نظرتهم إلى الأمور ، وإدراكهم للحقائق. فيحتاجون إلى عوامل تساعدهم على تحصيل اليقين بحقانية الدعوة ، وواقع ارتباطها بالله سبحانه. من خلال
__________________
(١) الآية ١١٥ من سورة المؤمنون.
(٢) الآيتان ٧٨ و ٧٩ من سورة يس.