قال ابن سيد الناس : خبل عمر في وفاة النبي ، فجعل يقول : إنه والله ما مات ولكن ذهب إلى ربه (١).
وقال التفتازاني : إن ذلك لتشوش البال ، واضطراب الحال ، والذهول عن جليات الأحوال (٢).
ويجاب عن ذلك : بأن من دهش بالمصيبة ، إلى حد الخبل ، فإنه حين يتيقن وقوعها سيكون أكثر اختلالا ، وأشد خبلا .. مع أن الأمور قد سارت في الإتجاه المعاكس.
الثالث : أن يكون ذلك قد جاء على سبيل كسب الوقت إلى حين مجيء أبي بكر ، لأنه خشي أن يكون أمام مأزق يحتاج فيه إلى أبي بكر دون سواه ، لأنه هو الذي يساعده على الخروج منه. ألا وهو مأزق طرح اسم من يقوم مقام رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وإعلان تولي علي «عليهالسلام» لهذا الأمر مباشرة ، فلما تحقق له ما أراد ، وهو مجيء أبي بكر كان المخرج له من هذا الجو هو أن يتظاهر بلباقة يتقنها : أنه صعق إلى الأرض حين عرف بالحقيقة.
وعمر هو الذي يقول : إنه كان على اتفاق تام مع أبي بكر ، فكان إذا أراه أبو بكر الشدة أراه هو اللين ، وكذلك العكس.
شجاعة أم عدم اكتراث لموت الرسول؟! :
وإذا أردنا أن نجعل الدهشة وعدمها معيارا للحزن ، فلا بد أن نحكم
__________________
(١) عيون الأثر ج ٢ ص ٤٣٣ والغدير ج ٧ ص ١٨٥ وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٣٥٤.
(٢) شرح المقاصد ج ٥ ص ٢٨٢.