بمنزلتكم ، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء» (١).
توضيح خطبة أبي بكر :
وهذه الكلمات كانت هي الرشوة الشكلية التي قدموها للأنصار ، حين ذكروا سابقتهم وفضلهم ، واعتبروهم أول من آمن ونصر ، وجعلهم الله موضع هجرة نبيهم ، وفيهم جلة أزواجه واصحابه ، فأرضوا بذلك غرور الأنصار واستمالوهم به.
ولكنهم فضلوا المهاجرين عليهم ، فهم في الدرجة التي تلي درجة المهاجرين.
ثم تحاشوا أي تعبير يدل على استبعادهم ، بل هم أزاحوهم عن موقعهم بطريقة تفيد أن لهم نصيبا في هذا الأمر ، حيث أعطوا الأمارة للمهاجرين والوزارة للأنصار.
وأوقعوا بين الأنصار الخلاف ، وأسالوا لعاب الكثيرين منهم ، وأذكوا طموحهم للتوثب على هذا الأمر ، ومنافسة سعد بن عبادة فيما يرشح نفسه له.
وحركوا عصبياتهم القبلية (التي وصفها النبي «صلىاللهعليهوآله» بالنتنة).
وذكروهم بما كان بينهم في الجاهلية من حروب وترات ، وجراح وآلام ، وأذكوا نيران الحقد والإحن في قلوبهم ، وادّعوا لهم : أنها لا تنسى ، ولا تداوى ، مع أن الإسلام قد أخمدها ، وكان البلسم الشافي لها ، لو التزموا
__________________
(١) راجع : البيان والتبيين ج ٣ ص ١٨١ وراجع : تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٤٥٧ والبحار ج ٢٨ ص ٣٣٥ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٣٢٩.