و «الفلتة» : بفاء ، فلام ، فمثناة فوقية.
والفجأة : ما وقع من غير إحكام ، وذلك أنهم لم ينظروا في بيعة أبي بكر بإجماع الصحابة ، وإنما ابتدرها عمر مخافة الفرقة.
وقيل : يجوز أن يريد بالفلتة الخلسة بمعنى : أن الإمامة يوم السقيفة مالت إلى توليتها الأنفس ، ولذلك كثر فيها التشاجر ، فما قلدها أبو بكر إلا انتزاعا من الأيدي ، واختلاسا. ومثل هذه البيعة جديرة أن تكون مثيرة للفتن ، فعصم الله من ذلك ، ووقى شرها (١).
أبو بكر لم يدع النص :
والأهم من ذلك : أن أبا بكر نفسه لم يكن يدعي النص عليه بالخلافة ، ولم يكن يدّعيها له أيضا أبو عبيدة ، وعمر ، وعائشة ، فضلا عن غيرهم ..
ويشهد لذلك : أن أبا بكر لم يستطع أن يلمح لشيء من هذا القبيل في اجتماع السقيفة ، وقد كان بأمس الحاجة إلى التلميح فضلا عن التصريح ..
فلم يقل مثلا : إن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد انتدبني للصلاة بالناس في مرض موته .. كما أنه لم يشر إلى أي شيء آخر في هذا السياق ، بل اكتفى بالإستدلال على الأنصار بقوله : «لن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش ، أوسط العرب نسبا ودارا» (٢).
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣١٨. والفايق في غريب الحديث للزمخشري ج ٣ ص ٥٠.
(٢) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣١٢. وراجع : الطرائف لابن طاووس ص ٤٨٣ ومسند أحمد ج ١ ص ٥٦ وصحيح البخاري ج ٨ ص ٢٧ والسنن الكبرى ـ