ثانيا : قد يشار هنا إلى جواب آخر أيضا ، وهو : أن الجزع ، وإن كان جائزا عليه «صلىاللهعليهوآله» وله درجة من الثواب ، ولكن التجلد والصبر هو الأفضل ، والأكثر ثوابا لأن فيه المزيد من المشقة والجهد ، وهو أيضا يوجب ثبات الناس على دينهم ، وعدم السقوط أمام التحدي الكبير الذي ينتظرهم ، بل قد يتخذ منه بعض المغرضين ذريعة للتخلف عن جيش أسامة ، فأصبح بذلك مرجوحا ، وربما يكون محرما ، وإن كان لو لا ذلك لكان هو الأفضل والأرجح.
الخضر عليهالسلام يعزي برسول الله صلىاللهعليهوآله :
عن أنس قال : لما قبض النبي «صلىاللهعليهوآله» أحدق به أصحابه ، فبكوا حوله واجتمعوا ، فدخل رجل أشهب اللحية ، جسيم صبيح ، فتخطى [رقابهم] فبكى ، ثم التفت إلى أصحاب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فقال : إن في الله عزاء من كل مصيبة ، وعوضا من كل فائت ، وخلفا من كل هالك ، فإلى الله فأنيبوا ، وإليه فارغبوا ، ونظره إليكم في البلاء ، فانظروا ، فإن المصاب من لم يجبره.
فانصرف ، وقال بعضهم لبعض : تعرفون الرجل؟!
قال أبو بكر وعلي : نعم ، هو أخو رسول الله «صلىاللهعليهوآله» الخضر «عليهالسلام» (١).
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٤٠ عن ابن أبي الدنيا ، والحاكم ، والبيهقي ، ومسكن الفؤاد للشهيد الثاني ص ١٠٩ والبحار ج ٧٩ ص ٩٧ وتفسير الآلوسي ج ١٥ ص ٣٢٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ١٦ ص ٤٢٤ والبداية والنهاية ج ١ ـ