الروح مع بقاء كماله وجوهريته المخصوصة التي حصلت له بالموت ، لتدبير بدن على نحو أكمل من التدبير السابق ، فليس بتناسخ محال ، بل الرجوع المذكور كتمثل بعض الملائكة ، فإنّهم مع عدم احتياجهم إلى الاستكمال من ناحية البدن المحسوس تمثّلوا في موارد بأمره تعالى في أبدان مخصوصة ، كتمثّل جبرئيل بصورة بشر في قصة مريم سلام الله عليها» (١) وبقية الكلام تطلب من مظانّها.
ثم إنّ الرجعة التي تواترت الأخبار بوقوعها في الامة الإسلامية ، تقع بعد ظهور الإمام المهديّ ـ أرواحنا فداه ـ ثم إنّ المرجوعين هم الأشخاص وذواتهم ، لا رجوع أوصافهم ودولتهم ، فإنّه أجنبيّ عن صريح الأخبار وحقيقة الرجعة ، كما أنّ رجوع الأوصاف لا اختصاص له بآخر الزمان ، بل هو أمر واقع من لدن خلقة آدم ، فإنّ كلّ نبيّ ووصيّ كان يقوم في مقام نبيّ أو وصيّ سابق ـ بل أصحابهم أيضا كانوا يقومون مقام أصحاب الماضين من الأنبياء والأوصياء (٢).
ثم إنّ الأخبار على طوائف ، منها : تدلّ على رجوع من محض الإيمان محضا ، ومن محض الكفر محضا ، وعن الشيخ الجليل أمين الدين أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي في كتاب مجمع البيان لعلوم القرآن عند قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) أنّه قال : «قد تظاهرت تلك الأخبار عن أئمة الهدى من آل محمّد ـ عليهمالسلام ـ في أن الله سيعيد عند قيام المهدي ـ عليهالسلام ـ قوما ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ويبتهجوا بظهور دولته ، ويعيد أيضا قوما من أعدائه لينتقم منهم ، وينالوا بعض ما يستحقّونه من العذاب والقتل على أيدي شيعته ، والذلّ والخزي بما يشاهدون من علوّ كلمته» (٣).
__________________
(١) راجع رساله اثبات رجعت : ص ٣٣.
(٢) راجع التفصيل في راهنماى دين : ج ٢ ص ٥٧ ـ ٩٥.
(٣) الايقاظ من الهجعة : ص ٢٥٠.