كتاب الإمامة والولاية في القرآن أنّ المودّة المحبّة المستتبعة للمراعاة والتعاهد ، ولعلّها لاشتمالها على ذلك لا يستعمل في محبّة العباد لله تعالى ، انتهى.
وفيه أنّه لم أجد ذلك في كتب اللغة ، ولعلّ هذا القيد مما يقتضيه حقيقة المحبّة ، إذ المحبة الواقعيّة أثرها هو المراعاة والتعاهد ، نعم ربّما يقال : إنّ المودّة هي الّتي لها الخارجية استنادا بقوله تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ) (١) بقرينة مقابلة الموادّة للمحادّة الّتي لها الخارجية ، ولكنّه غير تامّ لأنّ المودّة لا تختص بذلك ؛ لاستعمالها في الأمر القلبيّ أيضا لقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) (٢) فالظاهر هو عدم الفرق بين المودّة والمحبّة.
الثاني : أنّ المحبّة والوداد في الله كالبغض في الله من الامور التي ندب الإسلام الاجتماع إليها ، وأكّد عليها ، وورد في ذلك روايات كثيرة ، منها قول النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ : «ودّ المؤمن للمؤمن في الله من أعظم شعب الإيمان ألا ومن أحبّ في الله وأبغض في الله ، وأعطى في الله ، ومنع في الله ، فهو من أصفياء الله».
وسأل ـ صلىاللهعليهوآله ـ أصحابه : «أيّ عرى الإيمان أوثق؟ فقالوا : الله ورسوله أعلم وقال بعضهم : الصلاة ، وقال بعضهم : الزكاة ، وقال بعضهم : الصيام ، وقال بعضهم : الحجّ والعمرة ، وقال بعضهم : الجهاد ، فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ : لكلّ ما قلتم فضل ، وليس به ، ولكن أوثق عرى الإيمان الحبّ في الله والبغض في الله وتوالي (تولّي) أولياء الله والتبري من أعداء الله» (٣).
__________________
(١) المجادلة : ٢٢.
(٢) مريم : ٩٦.
(٣) الاصول من الكافي : ج ٢ ص ١٢٥ ـ ١٢٦.