في شمايل كلام المصنّف بعين غير صحيحة ، وارتاب في مقدّمات حقّة صريحة ، كما قيل :
إذا لم تكن للمرء عين صحيحة |
|
فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفر |
وها أنا بتوفيق الله تعالى انبّه على بطلان ما أورده على المصنّف العلّامة ، من القدح والملامة ، وابيّن أنّه من الجهل في بحر عميق ، وبدوام الحريق حقيق ، وأنّ شبهاته أضعف من إحتجاجه على حقيّة الجبت والطاغوت ، وأدلته أوهن من بيت العنكبوت (١) وتأويلات ملاحدة (٢) ألموت ، وأوضح أنّه فيما أتى به تعصّبا وغلوّا واستكبارا أو علوّا ، جدير بأن يتّخذ عدوّا ، ويلعن آصالا وغدوّا ، ولعمري أنّ قصور باعه وكساد متاعه غير خاف على من له أدنى مناسبة بحقائق هذا المذهب الشّريف ، فلم يكن لنا حاجة إلى تلقّى شرحه الكثيف بالرّد والتزييف لكن لمّا صار ذلك الشّرح المنحرف عن النّهج المثير للرّهج (٣) غبارا على مرايا صفحات الكتاب ، ومزايا خطابه المستطاب ، وأورث التباس الحق على ذهن القاصر المرتاب ، رأيت إزالة ذلك علىّ من الفرض ، وحرّمت على جنبي القرار على الأرض ، حتّى أزلت بتوفيقه سبحانه ذلك الغبار وأوضحت نهج الحق كضوء النّهار ، فأفضحت الشّارح الجارح الذي آل إلى شفا جرف هار (٤) وبال في بئر زمزم للاشتهار (٥)
__________________
(١) إشارة الى قوله تعالى في سورة العنكبوت الآية ٤٠ : (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ).
(٢) وهم فرقة من الاسماعيلية تأمروا مدة في حصن ألموت وهي من اعمال قزوين والديلم وتوابعهما ، ولهم أقاصيص واخبار ذكرها المؤرخون. فليراجع الباحث الى روضة الصفا وحبيب السير والملوك الاسماعيلية وسيرة الحسن الصباح.
(٣) الرهج : الغبار المثار.
(٤) اقتباس من قوله تعالى في سورة التوبة الآية ١٠٨ : (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ).
(٥) مثل يضرب به لمن ارتكب شنيعا في غاية الشناعة لأجل ان يعرف ويشتهر.