الحامدين الشّاكرين مع ظهور كفرانه وكونه من الماكرين فقال : الحمد لله المتعزّز بالكبرياء والرّفعة والمناعة ، المتفرّد بإبداع الكون في أكمل نظام وأجمل بداعة ، المتكلّم بكلام أبكم كلّ منطيق من قروم (١) أهل البراعة ، فانخزلوا (٢) آخرا في حجر العجز وإن بذلوا الوسع والاستطاعة ، أحمده على ما تفضّل بمنح (٣) كرائم الأجور على أهل الطاعة ، وفضّل على فرق الإسلام ، الفرقة النّاجية من أهل السنّة والجماعة ، حتّى كشف نقاب الارتياب عن وجوه مناقبهم صاحب المقام المحمود والعظمى من الشفاعة بقوله صلىاللهعليهوسلم (٤) لا يزال طائفة من امّتى منصورين لا يضرّهم من خذلهم حتّى تقوم السّاعة ، صلىاللهعليهوسلم وبارك على سيّدنا ونبيّنا محمّد الذي فرض الله على كافّة النّاس اتباعه ، وجعل شيعة الحقّ وأئمّة الهدى أشياعه ، وهدى إلى انتقاد نهج الحقّ وإيضاح كشف الصّدق اتباعه ، ثمّ السّلام والتحية والرّضوان على عترته وأهل بيته وكرام (٥) صحبه أرباب النّجدة والجود والشّجاعة ، الذين جعل الله موالاتهم في سوق الآخرة خير البضاعة ، ما دام ذبّ الباطل عن حريم الحق أفضل عمل وخير صناعة.
__________________
(١) القروم : جمع القرم بفتح القاف وسكون الراء بمعنى السيد العظيم.
(٢) الانخزال : الانعزال والانقطاع.
(٣) المنح : جمع المنحة بكسر الميم اى العطية.
(٤) رواه في مجمع الزوائد (ج ٧ ص ٣١٢ ط مصر) ويقرب منه ما رواه البخاري (في كتاب الاعتصام الجزء التاسع ص ١٠١ ط الاميرية) : عن عبيد الله بن موسى ، عن اسماعيل ، عن قيس ، عن المغيرة بن شعبة ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، قال : لا يزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون.
(٥) لا يخفى أن من يرى كل صحابى عادلا جليلا ثقة ورعا لا يسوغ له هذا التعبير ، الا ان يجعل الكلام من باب جرد قطيفة ، ويريد من الصحب المضاف الى الضمير العموم.