رآه محتلم في رؤياه لطار من وكر (١) الجفن نومه ، ولو شاهده يقظان في يومه لاعتكر من ظلام الهموم بومه (٢) ، وممّا شاع فيه أنّ فئة من أصحاب البدعة استولوا على البلاد ، وأشاعوا الرّفض والابتداع بين العباد ، فاضطرني حوادث الزّمان ، إلى المهاجرة عن الأوطان ، وإيثار الاغتراب وتوديع الأحبّة والخلّان ، وأزمعت الشّخوص (٣) من وطني أصفهان ، حتّى حططت (٤) الرّحل بقاسان (٥) عازما على أن لا يأخذ جفني الغرار (٦) ، ولا يضاجعني الأرض بقرار ، حتّى أستوكر مربعا (٧) من مرابع الإسلام ، لم يسمعني فيه الزّمان صيت هؤلاء اللّئام وأستوطن مدينة أتّخذها دار هجرتي (٨) ومستّقر رحلتي تكون فيها السنّة والجماعة فاشية،
__________________
(١) الوكر : عش الطائر.
(٢) بوم : الطائر المعروف بالنحوسة.
(٣) الشخوص : الذهاب والارتفاع.
(٤) حططت الرحل : وضعته.
(٥) قاسان معرب كاسان مدينة بما وراء النهر منه احمد بن سليمان القاساني من علماء الأصول وعدة من رجال الحديث ، وايضا قاسان قرية بنواحي أصفهان منها على بن محمد القاساني الاصفهانى المرمى بالضعف في كتب الرجال. وقاسان ايضا معرب كاشان بلدة معروفة بين قم وأصفهان وقد خرج منه ثلة من أرباب الفقه والحديث والنجوم والأدب منهم المولى فتح الله الكاشاني المفسر والمولى محمد محسن صاحب الوافي والسيد العلامة ابو الرضا فضل الله الراوندي وغيرهم وقد يعبر عن كاسان بقاشان كما في رجال شيخ الطائفة في ترجمة على بن شبرة القاشاني من اصحاب الهادي (ع) والمراد بقاسان المذكورة في المتن هو المحل الاول فلا تغفل.
(٦) الغرار : الخدعة.
(٧) المربع : محل الاقامة
(٨) انظر الى قلة أدب هذا الرجل في استعماله كلمتي الهجرة والمدينة في سفره ومقصده بقوله : أستوطن مدينة أتخذها دار هجرتي.