توضيحه : انّ أحد القسمين يحتاج إلى بيان زائد دون الآخر ، فالنفسي غني عن البيان الزائد دون الغيري ، وذلك لأنّ الوجوب النفسي لمّا كان نابعاً من مصالح كامنة في المتعلّق ، كفى إلقاء الحكم على وجه الإطلاق ، ويكون البيان وافياً بما أراد. وأمّا لو كان غيرياً فبما أنّ وجوبه منبعث عن وجوب غيره ، فيجب تقييده بما يفيد ذلك.
وبعبارة أُخرى : أنّ الواجب النفسي في متلقّى العرف هو الإيجاب بلا قيد ، بخلاف الغيري فإنّه الإيجاب مع تقييده بأنّه واجب لغيره ، فلو فرضنا كون المتكلم في مقام بيان تلك الخصوصية ، فالإطلاق كاف في تفهيم الأوّل ، دون الثاني.
ومنه تظهر الحال في دوران الأمر بين العيني والكفائي ، فانّه يكفي في بيان الواجب العيني ، الأمرُ بالشيء والسكوت عن أيّ قيد بخلاف الواجب الكفائي فلا يكفي في بيانه ، الأمر به مع السكوت عن القيد بل يحتاج إلى القيد نظير : ما لم يقم به الآخر ، فالقتال في سبيل الله لو كان واجباً عينياً كفى فيه قول المولى : قاتل في سبيل الله ، ولو كان كفائياً فلا يكفيه ذلك إلّا أن ينضم إليه قيد آخر ، أعني : ما لم يقاتل غيرك.
وإن شئت قلت : إنّ العيني هو الواجب بلا قيد ولا حدّ ، بخلاف الكفائي فانّه الواجب المقيّد المحدود ، فالعيني في متلقّى العرف بلا قيد ، والكفائي مقيّد ، فإذا أمر ولم يأت بالقيد ، يكون كافياً في إفادة المقصود العيني.
ومنه تظهر حال القسم الثالث أي دوران الأمر بين كون الواجب تعيينياً أو تخييرياً.
فالواجب التعييني هو الواجب بلا أن يكون له عدل ، كالفرائض اليومية ، والواجب التخييري هو الواجب الذي يكون له عدل كخصال كفّارة الإفطار