في موردها ، وإجزائه في مقام الامتثال مطلقاً ، وافقت الواقع أم خالفت ، مثلاً إذا قال الإمام : «العمري ثقتي ، فما أدّى إليك عنّي فعني يؤدّي ، وما قال لك عني ، فعني يقول ، فاسمع له وأطع ، فانّه الثقة المأمون». (١) وهو يعلم انّ العمري إنسان غير معصوم ربما يخطأ ومع ذلك يأمر بالعمل بقوله على وجه الإطلاق. فيكون معنى هذا انّ المولى قد رضي في امتثال أوامره ونواهيه ، وتحصيل أغراضه ومقاصده ، على حدّما ، أدّت إليه الأمارة ، التي تكون مطابقة للواقع بدرجة كبيرة ، فكون الأمارة محصِّلة للمقاصد بهذا المقدار صحَّحَ الأمر بالعمل بقوله مطلقاً وبالتالي أوجب رفع اليد عن أغراضه فيما إذا أخطأ ، كلّ ذلك لمصلحة عالية وهو تسهيل الأمر على المكلّفين.
وما استظهرنا من الملازمة بين الأمر بالعمل بقول الثقة ، والإجزاء مطلقاً سواء أوافق الأمر أم لا ، هو المتفاهم في العرف في هذه الموارد. مثلاً :
لو أمر المولى عبده بأن يهيِّئ له دواء ليتداوى به وأمره بأن يسأل صيدليّاً معيّناً عن نوعيّة أجزائه وكمّية وكيفية تركيبه ، فاتبع العبد إرشادات الصيدليّ الذي جعل قوله حجّة في هذا الباب ، ثمّ ظهر أنّ الصّيدليّ قد أخطأ في مورد أو موردين ، فانّ العرف يعدّون العبد ممتثلاً لأمر مولاه ، ويرون عمله مسقطاً للتكليف ، من دون ايجابه بالقيام مجدّداً بتهيئة الدواء ، اللهمّ إلّا أن يأمره المولى مجدّداً.
وهذه الارتكازات تدلّ على الملازمة بين الأمر بالرجوع إلى الثقات والخبراء ، والاكتفاء في امتثال الأمر بما أتاه بإرشادهم وهدايتهم ، وهذا يعطي أنّ الشارع اكتفى في دائرة المولوية والعبودية فيما يرجع إلى مقاصده ، بما يؤديه إخبار الثقة ، ولو بان الخلاف ، فهو يرفع اليد عن مقاصده ، تسهيلاً للأمر على العباد.
فإن قلت : فأي فرق بين هذا القول وبين القول بالتصويب ، فانّ رفع اليد
__________________
(١) الوسائل : ١٨ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤.