عن الحكم الواقعي في حقّ الجاهل كما هو المفروض تصويب وإنكار للحكم المشترك بين عامة الناس.
قلت : التصويب عبارة عن اختصاص الأحكام الواقعية بالعالم وعدم شمولها للجاهل من رأس ، وهذا بخلاف المقام ، فانّ الأحكام الواقعية على هذا القول تشمل جميع الناس من دون تفاوت بين العالم والجاهل ، ولكنّه سبحانه وتعالى تسهيلاً للأمر على العباد اكتفى في امتثال أوامره بإخبار الثقات ، لمطابقتها للواقع بنسبة عالية ، فأوجبت المصلحةُ التسهيلية عدمَ فعلية هذه الأحكام في موارد التخلّف.
وبالجملة فرق بين عدم جعل الحكم على الجاهل وبين عدم فعليته في حقّه ، لأجل قيام الأمارة على خلاف الواقع.
فإن قلت : إنّ العبد وإن كان معذوراً في ترك الواقع ولكن غرض المولى بعدُ لم يستوف فتجب الإعادة والقضاء لذلك.
قلت : لو علم المكلّف بأنّ غرض المولى بعدُ لم يُستوف كما إذا أمر بإحضار الماء للتوضّؤ فأتى به ثمّ تلف يجب عليه تجديد الامتثال لأجل حفظ الغرض ، وأمّا المقام فليس هناك علم بعدم استيفاء الغرض وذلك لما عرفت من أنّ المصلحة التسهيليّة سبَّبت لأن يتضيّق غرض المولى بما أدّت إليه الأمارة التي تطابق الواقع بدرجة كبيرة ، فليس له إلّا هذا المقدار من الغرض.
نعم لو لا المصلحة التسهيلية لربما يتعلّق غرضه باستيفائه في عامة الموارد وافقت الأمارة للواقع أو خالف. وعندئذ يقوى القول بعدم الإجزاء.
وبالجملة رفع الحرج عن المكلّفين وإيجاد الرغبة للناس إلى الدين من الأُمور التي صارت سبباً لتضييق غرضه وتحدّده بما توصل إليه الأمارة وغض النظر عمّا إذا لم يُستوفَ.