الكلام فيما هو الفرق بين المقام والمذكور في باب التعادل والترجيح حيث جعلوا الثاني من قبيل المتعارضين ، دون الأوّل.
والجواب وجود الفرق بين المسألتين وهو : انّه إذا كان لكلّ من العنوانين مناط وملاك في مورد التصادق فهو من هذا الباب كما في المثال المعروف حيث إنّ الصلاة في الدار المغصوبة ذات مصلحة كما أنّها ذات مفسدة ، ولذلك يعبر عنه بالمتزاحمين كانقاذ الغريقين ، وهذا بخلاف ما ورد في باب التعادل والترجيح حيث لم يحرز المناط إلّا لأحد العنوانين دون الآخر ، فالعالم الفاسق أمّا ذو مصلحة بلا مفسدة أو على العكس ولذلك يعبر عنهما بالمتعارضين ، بل يحتمل أن لا يكون لواحد منهما ملاك لاحتمال كذب كلا الخبرين واقعاً ، وإن كانا حجّتين في الظاهر. (١)
إذا عرفت هذه الأُمور فلنرجع إلى ذكر أدلّة الطرفين ، ولنقدم دليل القائل بالجواز ثمّ نردفه بذكر دليل القائل بالامتناع.
دليل القائل بجواز الاجتماع
قد استدلّ للقول بالجواز بوجوه ستة (٢) نذكر وجهاً واحداً وهو أمتنها :
لو كان متعلّق الأمر والنهي شيئاً واحداً كان للامتناع وجه ، كما إذا أمر بانجاز أمر في زمان خاص ثمّ نهى عنه في نفس ذلك الزمان ، فمن المعلوم انّه
__________________
(١) ما ذكرناه هو خيرة المحقّق الخراساني في الكفاية ، وقد بسط الكلام فيه تحت عنوان الأمر الثامن والتاسع بتفصيل لا يخلو من تعقيد.
(٢) من أراد الوقوف على تلك الوجوه فعليه الرجوع إلى محاضراتنا : المحصول في علم الأُصول : ٢٠٨ / ٢ ٢٣٥ ، وما ذكرناه في المتن هو عصارة ما ذكره سيد مشايخنا البروجردي وشيَّد أركانه السيد الإمام الخميني (قدسسرهما) لكن بتوضيح وتحقيق منّا.