تنبيهان :
الأوّل : حكم الاضطرار لا بسوء الاختيار
كان النزاع في المسألة السابقة فيما إذا ارتكب الحرام بسوء الاختيار ، فقد عرفت أنّ فيها قولين : جواز الاجتماع وعدمه ، وأمّا إذا اضطرّ لا بسوء الاختيار إلى أحد الأمرين : امّا ترك الواجب أو ارتكاب الحرام ، فالقولان متفقان في تقديم ما هو الأقوى من الحكمين ، مثلاً :
إذا اضطر الإنسان ، للتصرف في ملك الغير لأجل إنقاذ غريق فيكون تصرفه في الأرض واجباً من جهة إنقاذ الغريق ، وحراماً من جهة التصرف في ملك الغير ، ففي هذا الفرض يقع التزاحم بين الواجب والحرام في مقام الامتثال ، وبما انّ ارتكاب الحرام ليس بسوء اختياره ، فيُرجع إلى أقوى الملاكين فإن كان ملاك الأمر أقوى كما هو الحال في المثال المذكور قُدِّم جانب الأمر ويسقط النهي عن الفعلية ، وإن كان ملاك النهي أقوى قُدِّم جانب النهي كما إذا توقّف إنقاذ حيوان محترم على هلاك إنسان.
ومنه تظهر صحة العبادة إذا اضطر إليها في تلك الصورة ، كما إذا ضاق الوقت ولم يتمكن من الصلاة أداءً إلّا في ملك الغير فتصح الصلاة لوجود الأمر دون النهي لسقوطه لأجل الاضطرار ، قال رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم): «رفع عن أُمّتي تسعة : ... وما اضطروا إليه ...» (١).
الثاني : حكم الاضطرار بسوء الاختيار
إذا كان الاضطرار بسوء الاختيار ، كمن دخل بيتاً مغصوباً متعمداً فبادر إلى الخروج تخلّصاً من استمرار الغصب ، فإنّ الخروج يعدّ تصرفاً في البيت ، لكنّه
__________________
(١) الخصال : ٤١٧ / ٢ ، باب التسعة.