والكلام في هذا القسم نفس الكلام في القسمين السابقين ، فلا منافاة بين مبغوضية التسبب وحصول الأثر بعده.
نعم ما ذكرنا من عدم الدلالة في هذه الأقسام الثلاثة إنّما هو فيما إذا كان النهي مولوياً تحريمياً لا إرشاداً إلى الشرطية والجزئية والمانعية ، وبالتالي إلى الفساد عند الاختلال وإلّا فيدخل في القسم الثالث الآتي.
٤. إذا تعلّق النهي بالأثر المترتب على المسبب ، كما إذا تعلّق النهي بالتصرف في الثمن والمثمن فهذا النوع عند العرف يساوق الفساد ، فلا معنى لصحّة المعاملة إلّا ترتب هذه الآثار عليها ، فإذا كانت تلك الآثار مسلوبة في الشرع فتكشف عن فساد المعاملة.
وإن شئت قلت : إنّ الصحّة لا تجتمع مع الحرمة المطلقة في التصرف في الثمن الذي دفعه المشتري أو المثمن الذي دفعه البائع.
القسم الثاني : إذا تعلّق النهي المولوي التنزيهي بالمعاملة :
إذا تعلّق النهي المولوي التنزيهي بالمعاملة بأحد الأنحاء الأربعة الماضية فلا يدل على الفساد ، ويُعْلم وجهه ممّا ذكرنا عند بيان أنحاء القسم الأوّل ، فإنّ عدم المحبوبية في المعاملات لا يلازم الفساد ، فالمعاملات المكروهة صحيحة حتى على النحو الرابع ، أي إذا تعلّق النهي بالأثر المطلوب من المعاملة كالتصرف في المبيع.
القسم الثالث : إذا كان النهي إرشاداً إلى الفساد :
إذا ورد النهي بداعي بيان فساد المعاملة كما في قوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ) (١) فلا كلام في الدلالة على الفساد.
__________________
(١) النساء : ٢٢.