ولا يخرج عن كونه شرطاً ، فانّ قوله سبحانه : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) (١) يمنع من قبول الشاهد الواحد حتّى ينضم إليه شاهد آخر فانضمام الثاني إلى الأوّل شرط في القبول ، ثمّ علمنا أنّ ضم امرأتين إلى الشاهد الأوّل شرط في القبول كما في نفس الآية ، أعني قوله سبحانه : (فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ) (٢) ثمّ علمنا انّ ضمّ اليمين يقوم مقامه أيضاً فنيابة بعض الشروط عن بعض أكثر من أن تحصى. (٣)
وحاصل كلام السيّد في ردّ مسلكهم : انّ غاية ما يدلّ عليه فعل العقلاء ، انّ للقيد دخلاً في شخص الحكم ، وأمّا انّه ليس له بديل يقوم مقامه بحيث ينتفي بانتفائه سنخ الحكم فلا يستفاد من فعلهم وتشهد عليه الآيات المذكورة.
وبعبارة أُخرى : انّ ما تثبته صيانة فعل العقلاء عن اللغوية هو كون القيد احترازيّاً ، لا كونه ذا مفهوم وقد أوضحنا في الموجز (٤) الفرق بين القيدين فلاحظ.
مسلك المتأخّرين في استفادة المفهوم
وأمّا مسلك المتأخّرين فهو مبني على دلالة القضية الشرطية على الأُمور الثلاثة التالية:
١. دلالة القضية على الملازمة بين المقدّم والتالي فيخرج ما يفقد الملازمة.
٢. دلالة القضية على أنّ التالي معلّق على المقدّم ومترتّب عليه على وجه يكون المقدّم سبباً والتالي مسبباً ، فخرج قوله : إن طال الليل قصر النهار إذ فيه ملازمة وليس فيه ترتب لكونهما معلولين لعلّة ثالثة.
٣. دلالتها زيادة على ما تقدم ، على انحصار السببية وانّ ما وقع بعد حرف
__________________
(١ و٢). البقرة : ٢٨٢.
(٣) الذريعة : ٤٠٦ / ١.
(٤) الموجز : ٩١.