الثالث : التمسّك بالإطلاق
وقد قرّره المحقّق الخراساني بوجوه ثلاثة ونحن نقرره بوجه واحد :
انّه لو كان هناك سبب آخر للجزاء يقوم مقام الشرط لكان على المتكلّم عطفه عليه بمثل لفظة «أو» بأن يقول : إن أكرمك زيد أو أكرم أخاك فأكرمه. غير انّ اقتصاره على السبب الأوّل دليل على أنّه السبب المنحصر وليس له بديل ولا عِدْل ، وإلّا لوجب على الحكيم بيانه.
وهذا الوجه متين جدّاً بشرط أن يحرز انّ المتكلّم في مقام بيان كلّ ما هو سبب للجزاء ، فإذا أطلق الشرط ولم يعطف عليه شيئاً بواو العطف يعلم أنّه سبب تام ، كما أنّه إذا لم يعطف عليه ب «أو» العاطفة نعلم أنّه سبب منحصر لا بديل له ولا عِدْل غير انّ إحراز كون المتكلّم في ذلك المقام يحتاج إلى قرينة.
هذا ولكن الظاهر من المتفاهمات العرفية هو دلالة الجملة الشرطية على المفهوم بل يظهر من بعض الروايات كونه أمراً مسلماً بين الإمام والسائل.
روى أبو بصير ، قال : سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن الشاة تذبح فلا تتحرك ، ويُهرق منها دم كثير عبيط ، فقال : «لا تأكل ، إنّ علياً كان يقول : إذا ركضت الرّجْل أو طرفت العين فكل». (١)
ترى أنّ الإمام (عليهالسلام) يستدلّ على الحكم الذي أفتى به بقوله «لا تأكل» بكلام علي (عليهالسلام) ، ولا يكون دليلاً عليه إلّا إذا كان له مفهوم ، وهو إذا لم تركض الرجل ولم تطرف العين (كما هو مفروض الرواية) فلا تأكل.
وعلى ذلك فالقول بدلالة القضية الشرطية على المفهوم من خلال إثبات السبب المنحصر أمر غير بعيد بين العقلاء.
__________________
(١) الوسائل : ٢٦٤ / ١٦ ، الباب ١٢ من أبواب الذبائح ، الحديث ١.