ذهب الشيخ محمد تقي الاصفهاني صاحب الحاشية على المعالم إلى الأوّل ، وأُيّد قوله بما ذكره المنطقيون من أنّ نقيض السالبة الكلية هو الموجبة الجزئية. واختار الشيخ الأنصاري القولَ الثاني وسيوافيك دليله :
وتظهر الثمرة فيما دل الدليل على طهارة ماء الاستنجاء إذا كان قليلاً دون الكرّ ، فعلى القول بأنّ المفهوم هو الموجبة الجزئية لا تنافي بينهما ، إذ لا منافاة بين المفهوم أي قولنا : «ينجسه شيء» و «لا ينجسه شيء آخر» كالاستنجاء ، بخلاف ما إذا كان مفهومه ، الموجبة الكلية فلا بد من علاج التنافي بالتخصيص أو التقييد أو غيرهما.
وبما أنّ دليل القول الأوّل واضح ، لانّ نقيض الموجبة الكلّية التي هي المنطوق هو السالبة الجزئية ، فالمهم في المقام تبيين ما اعتمد عليه الشيخ الأنصاري فيما اختاره من النظر.
وحاصله : أنّ المفهوم عبارة عن انتفاء الحكم المذكور في المنطوق عند انتفاء الشرط ، ويعتبر في المفهوم أمران :
أ. انتفاء الشرط عند انتفاء الجزاء.
ب. وحدة القضية المنطوقية والمفهومية في الموضوع والقيود الموجودة في المنطوق ، إلّا في السلب والإيجاب ، فلو قال : إن سلّم عليك زيد يوم الجمعة فأكرمه ، فمفهومه إن لم يسلِّم عليك في ذلك اليوم فلا تكرمه ، وأمّا في غيره من أيام الاسبوع فالقضيتان ساكتتان عنه ، فهما متحدتان في جميع الأُمور إلّا في السلب والإيجاب ، أعني : الكيف.
ولو كان القيد المأخوذ في المنطوق ، هو العموم والشمول فلا بد أن يكون محفوظاً في جانب المفهوم أيضاً ، مثلاً إذا قال : إن جاء زيد فأكرم العلماء ، أي كل واحد ، فمفهومه أنّه إن لم يجئ زيد فلا تكرم العلماء ، أي كل واحد منهم.